الاثنين، 31 ديسمبر 2012

الخرافة



يا خرافة
عيشي في ظل السخافة
بس أنا عندي سؤال
لو تشرحي لي .. يا وهم
يا فاتحة باب الزريبة للغنم
من غير وجهك في المراية
خاف وجهك لما شافه؟
فسري لي
كيف يعني
السحلية بين البشر
فمرايتك تصبح زرافة.

أحمد العريمي

محمد الشحي / انقضاء عام ودخول عام من النضال




الان وبعد انقصاء فرحننا بالعام الجديد .. وعودتنا الى الواقع ... واستبصار ما حدث في العام الماضي واستشراق ما سياتي من العام ... فلا يسعنا الا استذكار اخوانا الذين ناضلوا لاجل ما نحن عليه اليوم ... وما تغير من واقعنا في عمان .. ربما يكون التغير طفيفا .. ولكنه حرك مياه راكة في الوحل العماني الذي سيطرة عليه فئة واختصت بكل شيء لها .. وسعيها لتهميش اي صوت معارض او حتى ساعي لانتقاد الوضع السائد آن ذاك .. بينما اليوم وبعد ما يقرب عن السنتين .. اصبحنا نستطيع المجاهره ببعض آراءنا وليس كلها .. وبصورة نسبية اصبح ممكن مناقشة بعض المشاكل الهامشية بكل صراحة .. والتطرق الى المشاكل الجسام ولو بصورة احترازية ...

سعينا العام الماضي ومن بدايته للبحث في قضيتهم .. اخواننا الحنضولي .... والعلوي ... واخوانهم المعتقلين الذين كانوا كبش الانتقام الاول على خلفية حراك صحار ... ضاع صيتهم في خضم الاحداث اللاحقة وما تلاها... ودخول موضوع محاكمات نشطاء الراي ... وتشتيتها للجهود وبعثرة الاوراق على اكثر من طاولة ... وبدا الانتقام من كبش الفداء الثاني ...

نشطاء الراي ليسوا غوغاء .. هم كتاب ومحامون ومهندسون ومدرسون وشعراء ... ولم يرفعوا سلاحا سوا القلم .. لايمانهم بانه يوجد ما هو افضل مما نحن عليه .. ويجب دفع العربة .. دفعها من الخلف .. لانها عجزت ان تتحرك من الامام .. او ان حركتها متثاقلة لدرجة لايمكن معها الصبر ... ربما كان الصياح من الخلف مؤلما لمن هم في الامام ... ولكن كان لابد منهم ..

تغيرت الكثير من الامور .... ظهرت وجوه واختفت وجوه ... اما خوفا او قسرا ... ربما لا اكون ضمن الاشخاص اللذين خاضوا الصراع على الارض .... ولكني عشت معهم لحظة بلحظة بعض الاحداث ... لم اكن اعرف اجزاء الصورة كامله ... ولازت لا اعرفها ... وهي اشبه بتركيب لعبة الصورة المقطعه ... كلما انتهيت من تركيبها اكتشف اني ركبتها بالصورة الخاطئة لابدا البحث من جديد عن الطريقة الصحيحة .. وقد يكون هذا حال الكثير منا ...

تغيرت امور كثيرة وحدثت عمليات غسيل دماغ جمعي احترافي .. صار بعدها من الامور الصعبة تسويق مواضيع الحقوق العامة وحرية الرأي .. وملامسة الشارع والمزاج العام من الناس البسطاء تغير من الاولويات كثيرا ولا تغير الهدف .. ربما غاب عن البعض هذا الموضوع وفقد التعاطف بعد ذلك .. البحر يشهد مدا وجزرا ويجب التمايل معه والنظر للهدف دائما .. التراجع خطوة من اجل الانطلاق لا يعني الانسحاب ... وضع السيف على الطاولة لا يعني الاستسلام ... التوقف لتضميد الجروح بعد كل شوط يعطيك القدرة على المواصله حتى النهاية ...

وفي الختام وقبل هذا العام كنت احسبني وحيدا احمل افكاري .. اخفيها بصمتي ... ولكن هذا العام كشف لي اناس لم اعرفهم .. ولم ارهم .. ولكني اشتركت معهم بافكاري وتطلعاتي .. ونظرتنا المستقبلية اللتي اتمنى ان ترى نورا .. بعمان لا يكسر بها قلم ولا يسجن ناقد للحكومة وادائها .. يومن كل فرد في فيها بانه موجود في منصبه ليخدم المجتمع ويخدم اهلها .. وتنزع الالقاب عن المناصب .. ولا يتعالى فيها انسان على انسان ..

وان تبحث عمان عن تطهير نفسها من الفساد .. ومن كل انواع المحسوبيات والرشى .. ومن كل هدر للثروات .. عمان تكشف نفسها لشعبها .. عمان شفافة .. كمياه بحر مسندم في الربيع ...

حفظ الله عمان لأهلها
محمد الشحي
1/1/2013

بين الكراسي الأربعة



لا تتركي هذا المكان .... خليني أكتبك بمهل
يلعن أبوا حسنك عسل
كيف أكتبك شعر وخلاص؟؟!!
وأستسمح الصدفة وأروح؟!!
ودي تقيدني يدينك وتسوقني للمعتقل

أو لو سمحتي وما قدرتي
هذا لغز عيونك أنتِ / إشرحي لي كيف أحل
أو كيف أفسر للبشر لو قلت في هذي القصيدة .. يا بشر / للعطر ظل.

أو لو سمحتي وما قدرتي وبس خلاص ..
إسلكي هذا الطريق / بين الكراسي الأربعة / ولا تقولي أي شي
بس لو ممكن عشاني
علمي كل الخطى تمشي على المقهى بمهل

اليل بارد وأنت غيمة من خجل
وأنا أنا / شاعر يحب وينتهي فعيون أنثى .
أو شاعر(ن) يكتب قصيدة .... لجل ما ينسى الملل.

أحمد العريمي

البرجوازي



يا برجوازي
يا فهيم
يا مستثقف
يا ((مثقف))
يا ((حكيم))
يا ربع إنس
وربع جن
ونصف رب
بلا ما بلا
فضحوها أولاد الملا
ثارت جحيم
كشفوها بانت للعلن
ما كان فيها
وما عليها
وما الثمن
والله كريم

أحمد العريمي

شئت أحبك




وحدك تجر البحر ؟ .... قالت

قلت .. وحدي
ريشة مطر في الريح .. وحدي
بين المدينة والمدينة
كنت أصب الغيم شعر .. وأعزف لهذا اليل وجدي

وأنا المحاصر بالألم بين الولادة
وبين قبر الغيم لحدي
وأنا الجريح / أحبي على المعنى وأطيح
ومن عطر أمي ودمعها تخضر روحي بالحياة ..
وتشرب أسراب الفراش الغيم شهدي

وحدي .. أنا الطفل العنيد.
أحفر ظلامك شوك في رحم القصيدة وأكتبك
تدمي يديني ... وأرسمك
أضحك ... تصيحي
تضحكي .. أشهق أصيح
أطيح فيني وأحملك
أنهم عليك أسمع سكوتك
أدخل قبل لا تفتحي الشباك صدفة ..
تستأذنيني بالكلام ..
أهز راسي وأبتسم
تستأذي ويسيل صوتك

تتبسمي يطير الحمام
وظل الحمام يطير يشرب من شواطي كحل عينك ..
يغسل الدمع وينام.

يا وردة الروح الأخيرة .. أنت وحدك
ومثلك أنا/
ريشة مطر في الريح وحدي
صوتي سكبني في الزحام

ومن زحامك طرت بك لين أحترقتك وأبتديت
وحدي عطيت وما خذيت
سلمتلك مفتاح قلبي ... شئت أحبك
طرزت دربك بالحنين
ومثل ما فيك أبتديتك .. يا أنا فيك أنتهيت.

أحمد العريمي

تحبي الليل ؟



أنا من يسألك أنت
تحبي البحر؟
قالت لا / أخاف البحر
قلت الرمل ؟
قالت .. لا / تهب الريح أخاف الرمل.
قلت الليل؟
قالت .. ثَّمل؟
قلت.. والثلج في كفي .. تحبي الليل؟
قالت .. ليل
على موجة تمرجحني ونخوض البحر
ولو دوك تهب الريح .. وأطيرني على الموجة
أطيرني على الموجة وأسافر للملح خلفك قصيد ورمل.

أحمد العريمي 

الكاتب الرائع والمعتقل الأن في سجن سمائل .. سعيد الهاشمي يكتب / مقال جميل بعنوان / من تفاريح نسر






إلى كل رفيق في معتقلات هذي البلاد

أعلم يقينا أنك تجندلهم الآن بردودك الفاصلة.
تبارزهم بذي فقارك الناضح بالصدق، المرتسي بشجاعة، تعلمهم كيف هو الوطن وكيف أنت سئمت الانتظار لميلاد عمانك الجديدة، عُمانك التي هي نخلة "خلاص" باسقة، سنبلة قمح تصلي، وعريش يغازل نسائم "كوسه" الغائبة، عُمانك التي اشتهيت ذات قيض وهي دانية القطوف غزيرة الساقية،
عُمانك الفلج الرقراق، الوادي الدفاق، البحر، الدهر،الصحراء، السماء،
عُمانك الرؤوم بالحب، بالورد والود والجِد، عُمانك النجمة العالية.
***
كَونٌ من الأمل تحمله على منكبيك العريضين وتوزعه آمالاً وأفراحاً وقبلاً على جباه الاطفال، والكثبان، والجبال، والسهول، والسيوح والفيوض الراهبة- توزعه كجدٍ رحيم، ينثر التفاريح والسكاكر على أحفاده ذات عصرية باردة.
***
أنت،
من أولئك الفرسان الذين إذا ما أرادوا مبارزة النسور حلقوا معها، 
أنت،
من أولئك الناس الذين إذا ما رغبوا بزراعة أفكارهم اختاروا الغيمات، سافروا بها.
أراك وحدك دائما تناغي فكرتك الشاردة،
تصاحبها بغليونك الهادر بالتقليب والتشذيب، وتحرسها بحذر رؤيتك الثاقبة،
تنظف غليونك على صخرة العبث فيتطاير نقع الخيبات، غبار التواكل، سديم الوعود، وغبش الحكايات الكاذبة،
وحيث أنت تكون الإرادة زهرة يرويها مطر روحك الدافقة،
لذا،اصدح/حاور/دَوِخ/إهدر/طوح
ثم نم قرير العين
فعُمانك حُبلى بالمعاني الخالدة

من مدونة / فنجان قهوة .. مقال رائع .. بعنوان / الحرية في بلاد الذهب الاسطورية




مرحباً بك في بلاد الذهب الاسطورية، انت حر في بلد حر مع وقف التنفيذ حتى إشعار اخر، الطريق ملغم ومراقب، كل الكلام مباح للتأويل والتفسير، وتتحمل وحدك وزر فهم الاخرين، فتفسيرهم جريمة يعاقبك عليها القانون، اما احلامك فهي ملكك وحدك لذا لا يحق لغيرك الاطلاع عليها، وعليك ان تتحمل مسؤلية سرِّيتها، أما في حال تسربها فستعاقب بمصادرة جميع احلامك وأفكارك


جميع بلاد الذهب تحترم الفكر الحر طالما يسبح في فضاء الحرية المقدسة، والخروج عن ذلك الفضاء المقدس هو تدنيس لمقدسات الحرية، أما الفكر السابح في الفضاءات اللامحدودة فما هو إلا هذيان مذهب للعقل وتنديس للمقدسات.



كما أنها ترحب بالعقول والأفكار الخلاقة التي تبدع وترتقي بالإنسان الذهبي الاسطوري وحده وترقيه لمصاف الآلهة التي لاتمس



البلاد الاسطورية تعترف بالرأي والرأي الاخر إذا و فقط إذا توافق الرأيان، واختلاف الرأي لا يفسد للود قضية وإنما يحوله إلى عداء.



كل المحاربين الذهبيين شجعان وأذكياء و يجيدون حماية البلاد بدهاء يحفظ كرامة جميع المواطنين الذهبيين من فساد أولئك المدنسين، كما أن حروبهم لا تستلزم استخدام السلاح الذي تمتلك البلاد الكثير منه، وإنما هي حروب عقلية تشبه لعبة الشطرنج، فإحذر الاقتراب من الحدود الحمراء للبلاد الآمنة، فالأمن وحده مقدس ويستمد قدسيته من الانسان الذهبي الاسطوري.


رزقك وفير، و عيشك امن، وكرامتك محفوظة، إملاء جيبك بالرزق الحلال، وبطنك بما لذ وطاب، و نم ملئ جفنيك سعيدا مطمئناً، فالبلاد أمنة وكل الجرم معاقب ما لم يكن جريمة كاملة، فمرتكبها ذو دهاء يستحق الاعجاب.

  

سيطيب لك العيش في هذه الجنة الآسرة، وان تعذرت عليك السعادة فاعلم انك مصدر للشقاء لذا وجب القضاء عليك، اغنم طيب العيش او ارحل الى شقاء ارض الجحيم التي لا تعترف بقدسية الانسان الذهبي واحرص ان ترحل في صمت لان صوتك قد يتسبب في شنقك.

ماء.. ماء



ذهب وجاء
وجد الشارع زحمة موت
صرخ فوجه الشارع .. ليش ؟؟
رد الشارع
فعل مضارع
وبعصبية
هذي بنيتنا التحتية
مبنية حسني ولا تمسني
والشارع ضايع في الطوشة
يغرق عطش ومرة ماء

أحمد العريمي 

مجلة الفلق الإلكترونية / مقال رائع للمحامي .. سامي السعدي / بعنوان .. السبب كمعيار في تقدير العقوبة / سلطنة عمان


عن الكاتب: سامي السعدي

محامي عماني

 تكبير الخط تصغير الخط
الأيام هي السبت و الأحد و الأثنين ، الوقت من الساعة (5:30 ولغاية 6:30 ) أي بمعدل ساعة واحدة ،  التاريخ (9،10،11 /6/2012م). المكان بالقرب من مواقف المركبات بالحي التجاري . المعنيون أحدعشر متهما ، بينهم متهمتين لم تكملا العقد الثالث من عمريهما . جميعهم كانوا مشتبه بهم ، ثم متهمين ، وبعد ذلك محكوم عليهم أو مدانيين. يحملون أو يرفعون أو يتأبطون أو يمسكون { أيا كان الفعل} لوحات تزينت بمواد قانونية جلها منبثق من قانون الإجراءات الجزائية وفي مقدمة تلك العبارات المادة (24) من الدستور العماني . غايتهم ، دافعهم ، محركهم ، محرضهم { أيا كان المصدر } زملاء آخرون مقبوض عليهم ، لا يعرفون عنهم شيئا. أمانيهم مستمدة من أماني أهالي المحجوزين . تاريخ [11/6/2012م] هو لحظة القبض عليهم ، وتاريخ [12/12/2012م] هو لحظة صيرورة الحكم إلى نهائيته ، وما بين الزمنين أحداث و أحداث. (الأول ) مثل القبض و التحقيق وأخذ الأقوال و الحبس و المحاكمة و الحكم الأول و التقرير بالاستئناف و الإفراج و… و(الثاني ) مثل النشر في الصحف ووكالة الأنباء ، نشر الصورة والاسم الثلاثي ، السيرة الذاتية ، العمل ، التهمة ، المنطوق . وبين ذينك الزمنين لحظات حزن وفرح ، ترقب و انتظار ، دعاء ورجاء ، بكاء وزغاريد ، عايشناها بتفاصيلها ، وبين الفينة والأخرى دهشة واندهاش .
المحركات أو الأسباب ، أو ما يطلق عليه الدوافع الجرمية ، و التي هي عنصر مهم لا يجوز الالتفات عنه ، بل يلزم استجلائه في حالة ذهاب الحكم إلى الإدانة ، وذلك لأن موضع التجريم تجلى في أداة شرط يلزم تحقيقها ، وهي أن يكون ذلك التجمهر بقصد الإخلال بالنظام العام بعناصره الثلاثة المعلومة . وحتى أكون محايدا { بقدر الإمكان } لن أتناول ما ساقه المتهمون ، ولا الذي جاء بتأويله خصمهم سلطة الإتهام ، بل دعونا نعمل حواسنا ونستنطق تلك الدوافع من خلال اللوحات التي كانوا يحملونها على شاكلة : العدل أساس الملك ومضمون المادة (24) من الدستور و لا للاعتقالات التعسفية .
سأجتهد هنا وسأزعم أنهم شباب متعلم و مثقف و مطلع وقارئ وكاتب { أيا كانت الصفة}  ليس بسبب اطلاعي على بعض السير الذاتية الخاصة بهم وحسب ، بل بدلالة البيان الذي صدر على أثر الحكم الأول و المنسوب إلى ( جمعية الكتاب ) . و البيان الذي صدر على أثر الحكم الثاني و الذي يتصدر أسماء موقعوه { عبدالله حبيب وسليمان المعمري و آخرون } .
بعد ما تقدم من طرح يمثل الحد الأدنى للقضية ، والذي يعد من الثوابت لا المتغيرات  والتي لا يجوز المساس بها ، ومنها يبدأ الحراك الإجرائي للدعوى الجزائية .  سأعود الآن إلى عنوان الموضوع وهو تقدير العقوبة . والذي سأتناوله بشكل مجرد عن المعطيات السابقة لأترك للقارئ مهمة المقاربة بين ما تقدم وما تأخر .
العقوبة هي الجزاء الذي يوقعه قاضي الموضوع على المتهم ، وبمطالعة جل القوانين العقابية نجدها ترسم عقوبة تتأرجح بين حدين أعلى و أدنى ، وبينهما يكون حراك السلطة القضائية . تنوعت المدارس الفقهية والقانونية بين قديمة و  حديثة ، لتصل إلى إعطاء القاضي مساحة يتحرك من خلالها بين ذينك الحدين عوضا عن أن يكون جامدا و مقررا فقط . وللوقوف على تطبيق هذين الحدين أو المستويين لننظر إلى المادة الرقيمة ب  137 من قانون الجزاء العماني والتي نصت على : {{ يعاقب بالسجن من شهر إلى سنة وبغرامة لا تتجاوز مائتي ريال . . . }} مما يدل أن المساحة الممنوحة لقاضي الموضوع من المشرع تبدأ من الشهر وتنتهي عند حدود السنة . وذهب قانون العقوبات لدولة الإمارات العربية المتحدة في المادة الرقيمة ب ( 179 ) مكررا ( 1 ) إلى النص : {{ يعاقب بالحبس أو الغرامة كلا من . . . }}.
وقد تأكد هذا الطرح من قبل المحكمة ذاتها في قضايا الإعابة ، والتي تعدد فيها المتهمون  ففي الوقت الذي تماثلت فيه المواد القانونية المحال من خلالها المتهمين ، وراوحت بين المادة ( 126 ) من قانون الجزاء ، والمادتين ( 16 + 19 ) من قانون جرائم تقنية المعلومات ، ذهبت أحكام الإدانة إلى إيقاف العقوبة الحبسية نهائيا عن أحد المتهمين  ونزلت بها عند متهم آخر إلى الحدود الدنيا وصلت إلى مستوى العشرين يوما ، في حين أنها ذهبت إلى التطابق في حق باقي المتهمين .
وحتى لا يكون ذلك التحرك اجتهاديا ، ذهب الفقه و القضاء القانونيين إلى رسم محددات وموجهات ، وكان من بينهما ما يسمى بعنصر ( السبب) . الذي يشار إليه بالعوامل التي اعتملت في نفس المتهم ودفعته إلى الإقدام على ما يعد محرما من وجهة نظر القانون . وعلى ذلك نقول : أنه من غير الجائز أن يسوى في العقوبة بين متهمين  الأول تحركه دوافع إنسانية نبيلة أو اعتقاد بحبه و هيامه في بلده . و بين آخر تحركه النزعات الإجرامية الشريرة . هذا الطرح لم يكن نظريا ، بل أن من المؤسسات القضائية من أخذت به ، على شاكلة قانون العقوبات السويدي الصادر في عام (1884م).الذي رسم عقوبة النفي المؤبد للقاتل مع سبق الإصرار ، غير أنه ذهب إلى مكنة استبدال تلك العقوبة بعشر سنوات في حال توافر عنصر ( شرف الأسباب ) . بل إن إحدى محاكم الجنايات في فرنسا في تاريخ (1908م) ذهبت إلى القضاء ببراءة المتهم ، لأنه ليس مجرما وأن لا عقوبة عليه نظرا (لشرف السبب) وذلك في قضية عمد فيها المتهم إلى إطلاق رصاص صوب رجل يسير في جنازة (ايميل زولا) اعتقادا من المتهم أن ذاك الرجل خائن لبلاده. وبسؤال ( الورداني ) المتهم في قضية اغتيال ( بطرس غالي ): لماذا أقدمت على ما أقدمت عليه ؟ أجاب : …ولست متأسفا على ما فعلت ، لأني لم أفعل ذلك إلا بقصد خدمة وطني وهذا مبدأي .كان لسان حاله يردد أنه إذا أحدق الخطر بالأمة وحفت سلامة الوطن بالمخاوف فكل محظور مباح في سبيل درء هذه الأخطار .
وقياسا على ذلك ، ليس هناك من سبب يجعل تلكم المتهمتين تقدمان على ما أقدمتا عليه سوى التضامن مع أهالي المحتجزين ينشدون جميعا مضمون المادة (24) من الدستور  وهو الذي أبدوه علانية في جلسات المحاكمة ،ولذلك لم يكن معهم جميعا سلاحا ابيضا أو أحمرا أو أسودا { أيا كان اللون } كانت لديهم فكرة ومبدأ اختمرا في ألبابهم .
إن الأنفس البشرية تختلف وتتمايز فهناك من يحتاج إلى نصح طويل وهناك من يتأثر بالكلمة وهناك من يستشعر العقاب بنظرة خاطفة ، هناك من دخل الإسلام تحت وطأة الفتوحات ، وهناك من ذهب إليه طواعية ، ولذلك فإن قلة العقوبة عند البعض تعادل الكثير عند البعض الآخر . لذا فإن القاضي مطالب بأن يحل نفسه محل المتهم يتصور نفسه محوطة بظروفه ، ينزل إلى دركه في الفهم ، وفي مبلغ أثر الحوادث فيه ، لأن القضاء لا يقوم إلا بتفهم هذا جميعه . ومن أجل ذلك ترك للقاضي المدى الواسع بين أقصى عقوبة وبين أدناها.وذكرنا أن الفعل المادي واحد في جميع الأحوال ، ولا يجيئ الفرق في الحكم إلا لاختلاف ما يفهمه القاضي من تلك العناصر المختلفة والأهواء المتباينة .أن من بين المستقر عليه فقها قانونيا أن العقوبة تقوم على فلسفة الردع و الزجر ، تقوم على عقيدة الإصلاح لا على عقيدة الانتقام ، ولذا فإن العقوبات المغالى فيها تفتح هوة عميقة في الضمائر وتغمس أصابعها في الفكر الإنساني تقود إلى التشكك بالإنسانية عند الحكم بها على المجرم ، والى التشكك بكل شيء عند الحكم بها على البريء.
إن فكرة العقوبة مرت بتطورات عدة ، اجتازت الكثير حتى وصلت إلى ما وصلت إليه  وذلك من حيث أنها بدأت شخصية بحتة ، فكل إنسان ينتقم لنفسه ، ثم أخذ المجتمع حق العقوبة لنفسه ، ولكن ظلت مظهرا من مظاهر الانتقام والتنكيل ، كانت تعد إخلالا بحق سماوي ثم صارت تعد إخلالا بقانون أخلاقي ، وفي العصور الحديثة ذهبت للتحول إلى وظيفة اجتماعية ، وأنها سبيل للإصلاح والهداية ، فصار حماية المجتمع هو الهدف المنشود وليس إيذاء الجاني أو تعذيبه أو حبسه .
إن تقدير العقوبة يقتضي الموازنة بين الاستحقاق والمنفعة ، أي أن الألم الذي يلحق بالمدان يجب أن لا يكون قاسيا عليه ، بحيث يؤثر على عملية إصلاحه وردعه ، وفي جميع الأحوال يلزم أن لا تتم التضحية بحياة وحريات الأفراد بشكل مطلق لغرض تحقيق العقوبة . ولذا يقع المجتمع بين مستويين : العقاب والانتقام ، العقاب فوق المجتمع ، والانتقام أقل منه ، العقاب كبير ، والانتقام صغير ، العقاب منشود ، والانتقام منبوذ ، الأول انتصار للمجتمع ، والثاني هزيمة له وانتصار للمحكوم عليه . ولذلك فمن واجب المجتمع أن لا يعاقب لينتقم ، بل أن يصلح ليصل إلى ما هو أفضل .
إن العقوبة بهذا المعنى الفلسفي الأصيل ( تتكامل ) مع القاضي العدل الذي وصفته الكاتبة – سناء البيسي – في حديثها عن الفقيه – عبدالرزاق السنهوري – : ( كان يصدر أحكاما قضائية ، بلغت القمة في شجاعتها ونزاهتها ، ودقتها في مراعاة القانون  وعمقها في تطبيق روح القانون ، وهو الأهم والأصعب ). و ( تتشابه ) مع القاضي من حيث أنها يجب أن تكون مجردة من أية دوافع أو عوالق خارجية قد تخرج بها عن المسار الذي شرعت وأوجدت من أجله . أما إذا حادت عن مسارها و انحرفت عن غايتها وتعلقت بمعطيات غير المتهم و المجتمع ، عندها يكون أثرها على المتهم سلبيا وعلى المجتمع أكثر ضررا. فمن حيث المجتمع ، فهذا العالم (لمبروزو) يخبرنا : << علمنا التاريخ أن شدة العقوبة في الجرائم السياسية تفضي بطبيعتها إلى مضرات عظيمة و أخطار جسيمة على حياة الأمة نفسها >>.وهناك من الأحكام التي على إثرها تغيرت معطيات ، وتبدلت معادلات بسبب إن غاية الأحكام خرجت عن مسار الإصلاح ،وتجاوزت المتهم والمجتمع  ولعل الحكم في  قضية (دنشواي) وهي القرية المصرية ، خير دليل على ما جلبته بعد ذلك والربيع العربي خير مثال على ذلك لانبثاقه من العقوبات القاسية المغالى فيها .
وأما من حيث الفرد ، فإن العقوبة القاسية تجعله غير مستوعب لها ، فاقدة لأثرها العلاجي المنشود من قبل  المجتمع . إنه يستمد منها مصلا وقائيا ودواء محفزا ، تجعله يلاقي سجانه بابتسامة ملغومة ، ويحسب زنزانته قصرا يفتخر به .
وقبل أيام قليلة تطالعني الأديبة ( بدرية البشر) بمقال تعنون بـ ( لا تصنعوا منا أبطالا) على إثر العقوبة المتمثلة بمنعها من دخول دولة الكويت ، حيث أنها ترى أن النتيجة ستكون عكسية للمعاقب ، إيجابية لها . ولنمعن النظر قليلا في أجمل مزار سياحي ، لدولة كبيرة مثل ( جنوب أفريقيا ) ليس { رأس الرجاء الصالح } وليس { جبل الطاولة } وإنما زنزانة صغيرة مكونة من سرير وطاولة خشبية في جزيرة تدعى ( روبين ). وفي عام 1985 م عرض على نزيل الزنزانة إطلاق سراحه مقابل إعلان وقف المقاومة المسلحة  غير أنه رفض العرض  وبقي في الزنزانة حتى 11 فبراير من العام 1990 م . وللوقوف على هذا المعنى الفلسفي في قراءة السجين لحكم إدانته ، نذهب إلى ما كتبه مجموعة من أولئك  المدانين إثر تلقيهم نبأ الحكم ، وتيقنهم من الذهاب إلى السجن ، مثل ، باسمة الراجحية قالت : ( من قال أنها النهاية ، إنها البداية فقط . ما أجمل أن تكون حرا رغم الجدران . ربي إن السجن أحب إلي مما يدعوني إليه ). أما بسمة الكيومية فذكرت : ( حبا وطواعية سندخل السجن . . وسنقدم رؤوسنا للمقصلة إذا اضطررنا . . لكن عمان الجديدة ستأتي . . بأي ثمن ستأتي ).في حين كتب نبهان الحنشي ( صباحكم خال من الحزن . خال من الانكسار ، صباح الصمود والعزيمة والتجدد ).
بل إن البعض ممن هم يمثلون جزءا من المجتمع ، كانت ردة فعلهم مشابهة لابتسامة المحكوم عليه ، ويتجلى ذلك في بعض التغريدات على شاكلة : يعقوب الحارثي حيث قال  ( أجسادكم هي الآن في السجن ، أرواحكم ترفرف فوق سمائنا ). وذهب ابراهيم سعيد إلى أن يكتب ( تحية مشرقة وممتنة لمن تصلهم التحيات المشرقة أينما كانوا ).
وبالعودة إلى المحكوم عليهم ، نجد أنهم من بين أعضاء الكتيبة الأولى في جيش البناء  كان حريا أن ترشدوهم ( إن ) ضلوا السبيل ، لا أن تقتلوا في الأمة روح البناء .

الأحد، 30 ديسمبر 2012

حزب الفقرا والعمال



بأسم الحزب الشعبي العربي
حزب الفقرأ والعمال
هذا الوطن الغالي لازم يخرج من درج الإهمال
خمسية الخطة / إستهبال
ومن يتعمد يستهبلنا
نستهبل والرد نعال

ضيقتوها علينا وضاقت
صدقناكم لكن بانت
من يصلح يحتاج لمصلح
والسمكة في الشبكة عامت

لونتوها بتلفزيون وجرايد ملعونة رخيصة
وتركتونا فشارع ظلمة كل من فينا يحمي رصيفه
علمتونا إن الأبيض / حر وسيد
وأن الأسود فينا عبد
وضربتونا / وسجنتونا لما قلنا يا عمي وظيفة
وتركتونا لألم البرد.

بأسم الله / وبأسم الشهدا والأجيال
وبأسم الحزب الشعبي العربي
حزب الفقرأ والعمال
هذا الوطن الغالي لازم يخرج من درج الإهمال.

أحمد العريمي

مجلة الفلق الإلكترونية / سما عيسى / في أدب السجون العماني ياسمينٌ على الغياب” لسعيد بن سلطان الهاشمي أنموذجاً ” الجزء (٢)


سما عيسى

عن الكاتب: سما عيسى

. . . .

 تكبير الخط تصغير الخط
1- كتاب الحيران في أحوال أهل عمان للشيخ سعيد بن حمد الحارثي رحمه الله .
الكتاب هذا يحتل فصلا من مؤلف الشيخ الحارثي “اللؤلؤ الرطب” الصادر في مسقط منتصف ثمانينات القرن الماضي ، عوقب الشيخ عليه ، فصل من عمله وتم التهديد بإدخاله السجن ثانية ، لولا عفو جلالة السلطان عنه وإعادته إلى عمله ولكن مع منع نشر الكتاب . ما يهم في هذا المقام الجزء المخصص عن تجربة السجن ، أنشر ذلك كاملا رغبة في عرض تجربة هي مصدرها الأساسي الآن . بعد انقضاء ستين عاما عليها ، وموت معظم رموزها وشخوصها . كان الشيخ الحارثي قد اعتقل جراء موقفه من حرب الجبل الأخضر والتي دارت رحاها بين نظامي الإمامة والسلطنة خمسينيات القرن الماضي كتب الحارثي ملخصا حملة اعتقالهم ” وهكذا حشر سائر العلماء والرؤساء،  ومن عليه رمق ، ومن أشار إلى الدولة بيد أو لسان . فزجهم في السجون ، ولم يزالوا هناك ، مات من مات منهم ، وعمي من عمي ، ومرض من مرض ، ومن بقي منهم إلى عهد السلطان قابوس ، ففرج الله عنهم به وبلطفه . قلت : مات من مات يقصد العالمين الشهيدين اللذين لقيا حتفهما في السجن سالم بن محمد الرقيشي  وسفيان بن محمد الراشدي وعمي من عمي يقصد الشيخ سعود بن سليمان الكندي الذي خرج أعمي من السجن أطال الله في عمره ، وكان الشيخ أحمد بن محمد الحارثي ذهب إلى صلالة واجتمع مع السلطان سعيد بن تيمور في 25 أغسطس 1961م ، ومثلما جاء في الوثيقة السرية رقم 1165من وثائق وزارة الخارجية البريطانية ، أنه حمل معه عائدا إلى مسقط مطلع سبتمبر تعليمات تخص إجراءات إطلاق سراح بعض سجناء 1957 م من الجلالي وعددهم اثنا عشر . ولقد قام سابقا بتذكير كيث جونز بأنه أطلق سراح أخي غالب وآخرين من بني معناة قبل ستة أشهر تقريبا ومعنى هذا أن هناك ستة عشر من الثوار ممن بقوا في الجلالي ، حوالي ستة منهم قضاة وضمنهم الرقيشي ولن يتم إطلاق سراح أي منهم حتى الموت كما صرح السلطان مثلما جاء في الوثيقة البريطانية.
1/ حالة السجين الشيخ سالم بن محمد الرقيشي
ولما مات الشيخ الرقيشي في بيت الفلج ، وكان مريضا وأنزل من الجلالي ، طلب أولاده أن يدفنوه في وطنه ، فاستؤذن السلطان في ذلك . فمن حقده وعدوانه لم يأذن إلا أن يدفن في بيت الفلج ولم يؤذن أن يفك منه القيد حتى في حالة شدة المرض إلا بعد أ ن مات.
والقيد : سمعت الشيخ يقول عنه أنه يجد راحة بوجوده في رجله لأنه سبق أن أزيل عنه ، فتبدل مكانه حتى قبض على رجليه وصارا كأنهما قطعة حجارة لا يستطيع النهوض بهما . كان إذا فقد القيد لم يستطع أن يقرأ القرآن . يقول كأني ألبس غشاوة على وجهي ، وكأن صخرة على قلبي ، فإذا رد القيد إلى الرجل زال عني هذا الشر. فكأن وجود القيد أحب ألي  من عدمه.
وكان دائما يقول : ما نيتنا إن خرجنا من السجن؟ نقول له : أخبرنا . يقول نيتنا أن نقوم بالأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، ونرد الباغي عن بغيه . وكانت لا تلين له قناة ، ولا تسمع له شكوى ، بل يقول : لو قسنا ما أصابنا بما أصاب من قبلنا ، لرأينا أننا في سلامة وأنا لم نصب بشيء.
2/ حالة السجين إبراهيم بن عيسى الحارثي
توجه إلى مسقط ورفض نصح من يحبه وتحذيرهم الشديد ، وأن هذا الترحيب ربما يكون مخيبا لآماله ، ولكنه لم يصغ إليهم . فلما وصل إلى قصر العلم تلقاه طارق بن تيمور ، وأدخله من البويب الصغير الذي في الباب وسد دون أصحابه ، فأخذه طارق بيده إلى سفينة مهيأة له على الرصيف ، حملته إلى سجن الجلالي من دون أن يرى السلطان ولا خادم السلطان ، وبقي في السجن إلى أن من الله على البلاد بقابوس فأفرج عنه وعن باقي المسجونين العمانيين ، ولكن إبراهيم البائس المسكين خرج من السجن ، وقد ابتلي بمرض : الملخوليا ، فكان يؤثر الخلوة ويرجم على نفسه الأبواب ، ويعتقد أن سعيد بن تيمور يلاحقه ويمنع عنه كل شيء ، وأنه لا يزال متسلطا عليه . وإذا قيل له : أن الحاكم الآن قابوس قال : قابوس من ؟ قيل له : ابن سعيد قال : إذن القول ما أقول لكم. ولكن مع هذا كله ، لم ينس شيئا من الماضي أبدا ، حافظا للمال، لا يضيع منه شيئا خصوصا النقود. وإذا أمكنتك الفرصة من الاجتماع به يبدي أخلاقا عجيبة ، لا ينكره إلا من يعرفه ، وكان أنيقا في لباسه وهيئته حتى في خلوته عافاه الله وكفانا وإياه سوء الحوادث.
3/ حوار في الكوت الجلالي
سألوني : ( يقصد نفسه الشيخ سعيد بن حمد الحارثي )
لما صعدت معهم إلى الجلالي : هل تكلم فينا أحد؟
قلت : أخبرني الشيخ خلفان بن جميل السيابي ، أنه كلم السلطان في أمركم فقال ” قلت للسلطان إن هؤلاء العلماء كلهم في السجن ، وعمان محتاجة إليهم، فنسألك الإفراج عنهم حتى ينتفع بهم الناس ، وتنتفع بهم الحكومة . قال : فالتفت إلي غاضبا وقال : أتقول أنهم علماء؟ لا بل هم منافقون . أتظن أني لا أستطيع إلحاقك بهم ؟ قلت : بلى إني لا أعجزك. فهربت عنه خائفا من أن ألحق بهم . فقال القاضي سعود بن سليمان لما أخبرتهم بهذا الخبر : أي قالوا عنا أننا منافقون ؟ قلت : يقول السلطان ذلك. قال : إذن لا يهمنا ، فما نحن فيه أكبر من قوله.
2- قصائد ورسائل الشيخ ناصر بن راشد المنذري رحمه الله
عن سجن المنومة بالرميس
في الفترة ما بين 1974- 1984م
سجن سياسيا القاضي والفقيه الشيخ ناصر بن راشد المنذري مرتين ، الأولى في الفترة من 1956- 1960م والثانية في 1974- 1984م. لذلك تعتبر تجربته هي الأهم في أدب السجون العماني وذلك لامتدادها الزمني الطويل وتنوع عطائها الخصب إذ شملت الشعر والرسائل والإجابات الفقهية وهذا حصر بها.
أولا : القصائد
الأنفاس الحراء 41 بيتا ، قصيدة مهداة لأحمد الغساني 45 بيتا ، إجابة على قصيدة للسيد حمود بن علي البوسعيدي ( زميله في السجن ) 22 بيتا ، قصيدة سجن المنومة 32 بيتا ، قصيدة ذكرى المجدين 36 بيتا ، دون عنوان 7 أبيات ، مرثية في ابنة الشيخ سعيد بن محمد المعولي ( جدة أولاده ) 41 بيتا ، مع خبر الإفراج من السجن 70 بيتا ، قصيدة مهداة إلى حمود بن سليمان العبري 19 بيتا ، إثر خروجه من السجن.
وتعتبر قصيدة الأنفاس الحراء الأكثر شهرة بين الناس من مجموع قصائد السجن ، ما حدا بالأديب أحمد بن حميد بن سليمان الغساني وصفها بالعروس وجبينها بالهلال ، في قصيدة قصيرة كتبها إشادة بهذه القصيدة ، وقد شرح الشيخ المنذري لاحقا ظروف كتابته قصيدة الأنفاس الحراء في قصيدة يهديها لصديقة الغساني كاتبا إن عصفورا أمام باب السجن هو الذي أوعز له الكتابة وفجرها. والقصيدة الأخيرة هي حوارية بين الشاعر والعصفور تنتهي كما تنتهي قصيدة الأنفاس الحراء بالدعاء والتضرع إلى الله سبحانه وتعالى أن يفرج عنه النكبة التي ألمت به وجعلت منه سجينا مكبلا بالحديد وطريحا منهك البدن وبائس الوجدان. القصائد أيضا قصائد حنين إلى قريته وأهله وأبنائه وهي لا تخرج عن ذلك متجه إلى القضية السياسية التي سجن من أجلها الشاعر. تلك العلاقة مخفية في القصائد وما تسيطر عليه هي علاقته بخالقه الذي يعتبره الشاعر مصدر بلائه ونعمه وإليه يتم التضرع والندم و التوبة.
رباه جد لي بالقبول وبالرضى    عني فإن الخير عندك أجمع
رباه فارحم صبية فارقتهم         قد كنت في شوق لهم أتقطع
رباه انقذني وفرج كربتي        إذ صرت في سجن به أتوجع
تعسا لهذا الدهر فرق بيننا      والدهر من عاداته قد يفجع
ثانيا : رسائله من السجن
يحصي الدكتور عبدالله بن راشد السيابي محقق الكتاب الوثائقي عن الشيخ ناصر المنذري 46 رسالة وجهت معظمها إلى أبنائه وأسرته وإلى الشيخ سيف بن حميد وتواريخ الرسائل تبدأ من 11/ 1/ 1977م وتستمر حتى 3/ 6/ 1984م. علما بأن الشيخ خرج من السجن في 20 / 11/ 1984م. والرسائل في مجملها تواصل حميمي من السجن بين الشيخ وعائلته ، يبدي فيها النصح والتوجيه والإرشاد لأبنائه حول طلب العلم والتحلي بالأخلاق الحميدة والتمسك بشعائر الدين الإسلامي. وما هو ملاحظ عند قراءتها ولع الشيخ بمتابعة ومعرفة كل صغيرة وكبيرة تدور في أحوال عائلته وكأنه وهو بالسجن يتحمل أيضا مسئولية تربيتهم وتوجيههم وفي السجن يكتب فرحا لأنه أصبح جدا لأول مرة عندما رزق ابنه محمد بولده الأول ، بل ويقترح من سجنه اسم ابراهيم إذا جاء ذكرا وفاطمة إذا جاءت بنتا.
الرسائل بعضها نصوص أدبية يغلب عليها الطابع البلاغي اللغوي مثلما هو في هذا المقطع المتوهج من رسالته إلى أبنائه المؤرخة في 3/1/1980م . “إني مثلكم وأكثر أتمنى أن ينبلج الفجر عند مشرق تتلاقى فيه الأجساد كما تتلاقى فيه الأرواح، تحت مظلة واقية من حر وهجير طالما قد التهب، فيستعيد النبض دقاته وماء الحياة مجراه، فينمو الغرس ويتفتح الزهر فتبتسم الروح بأريجه الطيب و شذاه العبق، وتتمتع النفس بما تهواه من طيب وبما يحلو لها من نعيم”.
أجمل الرسائل هي رسالة كتبها إلى أبنائه في 2/12/1980م عندما كانوا يتوقعون الإفراج عنه فأحبطوا أمام باب السجن عندما لم يجدوه مع المفرج عنهم ليتأخر خروجه أربعة أعوام أخرى. الرسالة الوحيدة من بين الستة وأربعين رسالة التي كتبها الشيخ المنذري يعترف فيها ببكائه وضعفه وتصاعد زفراته وتراسل عبراته رحمة بأولاده وشفقة عليهم مثلما كتب عنه في مجمل الرسائل الأخرى التي يكتم فيها عواطفه ومشاعره.
-4-
ياسمين على الغياب
لسعيد بن سلطان الهاشمي
أنت تقف هنا في المسافة الفاصلة بين الهجر والوصل وبين الحضور والغياب. مع أنك تعيش مناخ زنزانة مغلقة برتاج حديدي يعزلها عن العالم ، إلا أنك تختصر المسافة والزمن وتتحد مع كل الغائبين ، وتغدو في زنزانتك البعيدة في قلب الحضور وفي وهج العالم وحميمياته التي لا تنفذ .
يتحد الآخرون وينفصلون، يسيرون معا ثم يسيرون فرادى ، يذهب كل إلى عالمه الخاص، إلى وحدته إلى جوهر بقائه ، ولكن و لإنك في المركز فإن الراحلين يعودون إليك ومنك يرحلون ثم يعودون إليك. وحدك من يتحمل وجع فراقهم مثلما آنس جمال حضورهم. هكذا لا نستطيع وضع خطوط فاصلة بين الأم والزوجة إذ يرتفع حضور الزوجة حتى يغلب عليها حضور أمومة ريفية غائرة في الرحيل. لا مناص في حالة كهذه من أن لا تتوارى المرأة أبدا، ولكن لتحضر وبقوة خلاقة أكثر من الحضور الذي تفرضه مؤسسة الزواج المحدودية العطاء روحيا على الأخص.
ذلك ما ينسحب على رفيقات ورفقاء دربه، الرسائل أغاني حب روحي شفيف نكتشف فيه الدواخل الصامتة البعيدة ونقترب من الألم والنار كما نقترب من الطفولة والتمرد والغضب الثوري الحاد. يرتفع ذلك ويسمو بنا ونحن نقرأ انكسارات وخيبات جيل بأكمله على طاقة فكرية فريدة كعبدالله حبيب، وما ينبت من الأرض إياه كزخم ثوري قادم خلاق لدى بسمة مبارك سعيد و ناصر صالح وسليمان المعمري وسالم خميس وإبراهيم سعيد.
لأن الكاتب وهو يكتب قادم من تجربة حراك وطني فالمشترك لديه هو الأرض التي يقف هو وزملاؤه عليها جميعا ، مع وضع حدود الفواصل بين التجارب وخصوصيات علاقته بكل منهم . حتى في رسالته الموجهة إلى جلادي القمع السلطوي تنتفي لغة العداء والحقد والكراهية ، وتغدو الرسالة لغة رحمة وشفقة وألم على مصير سجانه وجلاديه….
الرسائل في مجملها قصائد حب إلى الوطن وإلى الحرية. تحمل الزخم الصوفي العميق وتحمل من الشعر ما يفوق أعمالا شعرية تتراص في مجلدات أنيقة. لا تقترب من أية سوداوية وبكائية وندب ، لأنها جاءت من طفولة الثورة متجه إلى طفولة الحب مشرقة كشمس الحياة التي تتجدد في الليل والنهار لذلك، هي حبلة بمفردات أطفال المدارس كالكشكول والواجب المدرسي ، يوم المدرسة الأول ، حبلى بدم الأطفال وبعصافير المنزل ، الذين هم أطفال الكاتب .. بالكرات الملونة وبهدهدات الجدة الطيبة ….
وما تعلمناه من التاريخ أن ما يأتي من الطفولة هو الخالد، لأنه معين الحب وروح الثورة وتجدد الحياة وبقاء الإنسان.
ما يحمل الكاتب إلى كتابة هذه النصوص بهذا الثراء الروحي العميق هو قدرته على إثراء المشهد بالتفاصيل الحميمية التي يتذكرها جيدا في سجنه، لأن السجن خلق له هذه المسافة من التأمل واسترجاع ما مضى مع أصدقائه . ولأن اللغة المكتوب بها هي لغة الروح جاءت الرسائل مزيجا من التصوف والعشق والحرية ، لا يعلو صراخ الكاتب فيها أبدا ، بل يسير في طبقات من الهدوء الذي يقوده إلى الهمس الخافت وإلى السكوت ، وصولا حتى الصمت المطبق مثلما كتب لعبدالله حبيب ” شيء واحد يختطفني من هذا القبر ، وفي هذه اللحظة : استحضار ابتسامتك الشفيفة وروحك الباذخة بالجمال والسلام والحب والخير لهذا الكون وأهله “.
هذا البعد الذي تخلقه الزنزانة بجدرانها وقضبانها ينهار حتى أمام سطوة روح السجين ،عندما يحضر رفاقه معه في هذه الرسائل التي توضح حضورهم الدائم ” اليوم تفصلني عن أحاديثك جدر ومفازات ، لكن دوي أسئلتك حاضر وبشغف”.
الكاتب الذي أدرك جيدا أن تجربته جاءت بعد صمت طويل لعقود مرت انكفأ فيها الشعب عن الحراك إثر هزائمه التاريخية المتواصلة ، يكتب إلى سالم خميس: ” أمر مهم أريد أن أشاركك إياه في هذه اللحظة ، هو فرحي وسروري بحالة التفاعل التي يمر بها الإنسان في وطننا ، التحرك إلى ذاته المهملة ، الاستعداد من أجل غد يمثله ويمثل أحلامه وقدرته على الاعتراف بخيباته وانكساراته …..
قبله بخمسين عاما كتب العلامة الشيخ سالم بن محمد الرقيشي في زنزانته بالكوت الجلالي قبيل استشهاده بها هذه العبارة المقتضبة المشحونة بروح الجمال الصوفي العميق: “عجبت من قوم يقودونني إلى الجنة بالسلاسل ” هؤلاء إياهم من يوجه إليهم سعيد الهاشمي رسالته مذكرا إياهم بوحدة الانتماء إلى الطفولة والأرض والروح . لكنه عن الرقيشي يذهب إلى تفصيل الجلادين الذين لم يرهم غير كائنات جريحة مهزومة : ” كنت أشم رائحة ضعفك وقلة حيلتك وهوانك على الناس كنت أشعر بخفقان قلبك المكسور ،وروحك الجريحة ، وحريتك المنهوبة. كنت ألمس عبوديتك الفائضة من خلال جسدك المنهك بالشراب والدخان ” .
لكنهما الرقيشي والهاشمي يدركان في سجونهما مثلما ينهي رسالته إلى جلاديه ” ستكتبنا الكلمات أغنيات وقصائد عشق أبدية “
مصادر
1- تحفة الأعيان …. نور الدين السالمي
2- الفتح المبين …… إبن رزيق النخلي
3- اللؤلؤ الرطب … سعيد بن حمد الحارثي
4- الشيخ ناصر المنذري …. دكتور عبدالله السيابي
5 – القبض على الجمر … دكتور محمد حور
6- مجلة فصول المجد العدد 3 – 1993
7 – ياسمين على الغياب …. سعيد الهاشمي  دار الانتشار العربي،بيروت)
8- موسوعة عمان / الوثائق السرية / ت محمد عبدالله الحارثي/ المجلد 6 ، مركز دراسات الوحدة العربية.

مجلة الفلق الإلكترونية / سما عيسى / في أدب السجون العماني… ياسمينٌ على الغياب” لسعيد بن سلطان الهاشمي أنموذجاً ” الجزء (١)



سما عيسى

عن الكاتب: سما عيسى

. . . .
.

 تكبير الخط تصغير الخط
-1-
كان وما يزال السجن مثلما كتب الدكتور محمد حور” أحد الأسلحة الفتاكة التي استثمرتها الأنظمة أسوأ استثمار ، لقمع القوى المعارضة وكسر شوكتها . ولم يكن هناك فرق أو تمييز بين حزب وآخر ، بل إن الجميع اكتوى بنار الأنظمة وسوط عذابها”
هذه المؤسسة التي توصل ميشيل فوكو في دراسته : التأديب والعقاب : نشوء السجن ، إلى أن تاريخها مرتبط ارتباطا وثيقا بالايدلوجية المهيمنة وتكنولوجيا التسلط والمنظور السائد للجسد، وبربط تاريخي وتفصيلي يبين الباحث كيف تضافرت العوامل لتنشئ السجن بوصفه مؤسسة ، كتبت فريال جبوري غزول ” فوكو يقرأ جسد السجين باعتباره علامة يؤلها في سياق التغيرات الاجتماعية والاقتصادية وبالتالي الفكرية والفلسفية وأثرها على نظام السيطرة ، فمن احتفاليات الإعدام وطقوس التعذيب العلنية إلى سرية التأديب وإقصاء الخارجين على السلطة ، نجد نقلة من الانتقام إلى الاستعباد ومن التحطيم إلى التدجين ، وهذا ما أدى إلى انشاء مؤسسة تأديبية تضمن احتواء العناصر التي لا تتجانس مع رؤية السلطة للمجتمع ، السجن إذن آليه من آليات حجز المختلف لغرض تطبيعه أو تصفيته.
وما نحدده باختلاف الأزمنة زمن عن آخر ، عندما يلعب هذا العامل المحوري الدور الهام في اختلاف التعامل مع السجين ، معتمدا ذلك على تطور المؤسسة القمعية ودرجة وحشية القائمين عليها ، فضلا عن درجة المواجهة وحدتها بين السلطة والمعارضة.
نعطي لذلك حالتين متناقضتين حدثتا في أزمنة متقاربة بعمان وما أدى إلى تناقض التعامل مع المساجين طبقا لاختلاف نوعية الحكام ودرجات الصراع واحتدامه.
1- سبب موت الإمام الوارث بن كعب – تولى الإمامة في 179 هجرية وتوفى في 192هجرية، أنه غرق في سيل وادي كلبوه من نزوى وغرق معه سبعون رجلا من أصحابه ، وذلك أنه كان سجن للمسلمين بنزوى عند سوقم مائل ، والسوقم شجر معروف ، وكان في السجن أناس سجنوا بأمر الوارث فأمر بإطلاقهم فلم يستطع أحد أن يمضي إليهم خوفا من الوادي ، فقال لهم الإمام : أنا أمضي إليهم إذ هم أمانتي وانا المسئول عنهم يوم القيامة ، فمضى إليهم و اتبعه ناس من أصحابه فمر بهم الوادي فحملهم مع المحبوسين فمات الوارث في غصين شجرة ، وقبره بعد أن جف الوادي بين العقر وسعال من نزوى ، وقبره هناك مشهور كمزار معروف إلى الآن.
2- الإمام عزان بن تميم يسبق الحبيب العدلي ألف عام في استغلال المساجين لتحقيق أهدافه السياسية ، هذا نموذج بائس يتناقض جذريا مع النموذج السابق للإمام الوارث ، فما حدث أن عزان بن تميم (تولى الإمامة في 277 هجرية وكان مقتله على يد محمد بن بور قائد الخليفة العباسي المعتضد في 280 هجرية ).
ما حدث أن عزان بن تميم جاء في زمن صراعات محلية وخارجية ، وإمامته قامت على أنقاض حرب دامية ذات بعد طائفي محلي تجسد في معركتي الروضة بتنوف ومعركة الرستاق .. كتب ابن رزيق ” لبث موسى وعزان وليين لبعضهما البعض – يقصد القاضي الشيخ موسى بن موسى –  ما شاء الله من الزمان حتى وقعت بينهما المحن ، فعزل عزان موسى عن القضاء وتخوف عزان من موسى فعاجله بجيش أطلق به كافة المسجونين ، فساروا إلى إزكي ودخلوا حجرة النزار ، وطفقوا يقتلون من فيها ويأسرون وينهبون …إلخ”.
أخيرا أسوق نموذجا مأساويا لسجين عماني أعدم في عام 1973م. كان الحكم عليه من المحكمة المشكلة خصيصا للنظر في قضايا المعتقلين السياسيين آنذاك بالسجن اثنتي عشر عاما، عندما احتج السجين غاضبا على قساوة الحكم ، أدخل الرئيس الحقيقي للمحكمة الميجر تيم لندن، الذي فاجأه بأنه بناء على احتجاجه وعدم رضاه على حكم الاثنتي عشر عاما قررنا رفع درجة العقوبة إلى الإعدام ، وأعدم السجين السابق فقط لاحتجاجه على قساوة الحكم. ذلك نموذج مأساوي فقط للتدليل على كيف يتلاعب السجان بأوراح المسجونين ومصائرهم طبقا لهواه ومزاجه.
-2-
أهمل العمانيون كثيرا ما نعرفه بأدب السجون ، رغم كثرة فقهائهم وشعرائهم الذين سجنوا على مدار التاريخ لأسباب سياسية ، ولا يجد القارئ المتابع مبررا لذلك ، خاصة وانهم كتبوا في الحرب والحنين والحب والتصوف والموت …. ألخ إلا أن أدب السجون ظل خافتا..
تكتب فريال جبوري غزول عن سبب بروز جنس أدبي أو انزواءه ” في مجتمع ما يرتبط بتركيبة معقدة من الرصيد التاريخي والثقافي وأنظمة العمل والإنتاج وأنساق الوعي والسلوك فالنقاد اليوم لا يتحدثون عن تراتب الأجناس الأدبية بين راقية ووضيعة ، متحضرة وبدائية ، انما عن تفاوتها وتباينها وتعددها في الثقافات المختلفة ” أجد أن أهم الأجناس الأدبية التي اهتم بها العمانيون فضلا عن الشعر هو كتابة السير الذاتية والعامة ، مثلما هو الأدب الأمريكي فإن الجنس الأدبي السائد هو شعر الاعترافات ، هكذا نجد الفوارق حقا تولد اختلاف الجنس المنتشر عن غيرة ، لكننا مع هذه الندرة في أدب السجون العماني نقف على رغم قلتها تؤسس لكتابة جديدة ومغايرة أهمها في الأدب الكلاسيكي العماني قصائد الشيخ سليمان بن أبي العرب السليماني ، الذي سجن في حصن سمائل مدة طويلة من الزمن وضمن قصائده تحقيقه لمخطوطة ديوان الشاعر راشد الحبسي . إلا أن الأهم بعده كتاب الحيران في أحوال عمان للشيخ سعيد بن حمد الحارثي ، والذي وثق فيه تجربته في سجن الجلالي ، عندما اعتقل في ستينيات القرن الماضي ثم الكتاب المتميز قصائد ورسائل الشيخ ناصر بن راشد المنذري في سجني الجلالي والرميس ، والذي قام مشكورا بتحقيقه الدكتور راشد بن عبدالله السيابي . أما في الأعوام الأخيرة فقد نشر القاص أحمد المعشني مجموعته القصصية “دثار” والتي كتب معظم نصوصها في سجن المنومة أبان اعتقاله منتصف تسعينيات القرن الماضي ، بعده كتب الشيخ عبدالله العبري ” إشراقات الروح” أبان اعتقاله عام 2004م.. أرجئ الكتابة عن مجموعتي المعشني والعبري لدراسة لاحقة وأقدم هنا قراءة أعرف بها بعملي الحارثي والمنذري ، بغية ربط عقد الحبل الواحد بين تجارب الماضي والحاضر والمستقبل والتي هي تجربة نضالية واحدة حتى مع اختلاف منابعها وطرق جريانها.

القصيدة الديوان / لك .. لا ولاء





   
أحمد العريمي

لك... لا ولاء

قصيدة


شعر شعبي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الإهداء

إلى ابنتي ((فاطمة))

كم هو مظلم هذا العالم
فاغرسي في كلِّ شبرٍ قصيدةً
وفي كل ظلٍّ نَفَساً.
حتى يتحررَ الحُلُمُ
وينبتَ وردٌ في سياج المعتقلات
.
أحمد العريمي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

"وأنت تحرر نفسك بالاستعارات
فكر بغيرك
من فقدوا حقهم في الكلام
وأنت تفكر في الآخرين البعيدين
فكر بنفسك
قل ليتني شمعة في الظلام.

محمود درويش
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


 لك .. لا ولاء



هذا نشيدي في الندى
لا من يرتل ما كتبت
ولا بلاد(ن) تمنح الذكرى بلاد
كلما كبرت فـ ظلي المكسور حاصرني الصدى
أو قال لي:
لا تنتظر موتك هنا
في غربتك موتك تعلم كيف ينسى الانتظار.



والبحر يرميني ويصعد خلف ظهري للعدم
كلما رسمت لخطوتي
ما قد رسمت لغربتي قبل الرجوع
أذّن وصلى في دمي
صمت الشوارع
والبيوت اللي تخاف من الألم


أمشي
وتمشي طفلتي بين القصيدة والخراب
أصرخ
أنادي كل من حولي.. ولكن
كل ما حولي سراب.

سميني الحلم وخذيني
لـ جل ما أصعد منك فيك لأولك قبل الوداع
من حكمة البحر انتبهت إن الندى حلم الغمام
وإن البلد
طفلة تنشّف شعرها بثوب الفجر
لو مسّها الشاعر تنام



وإني كثر ما شفت فيك من التعب
ما عدت أحس برغبتي إلا على رمل الحروف.

كم ألف نجمة في دمي تذبل
ويغرق ألف شارع في فمي وأكتب
والملمني حمام وغيم واطيرني شعر واكتب
ويمنحني الندى فرصة
واسيل من الزهر واكتب



ويجلدني الخطيب الفذّ
وابعثر لحيته واسأل:
لماذا بعتنا ياعم؟؟
واطير من الحبر واكتب:
[يا رفيق الليل صحرا حكمة الليل الطويل]

ويصحى قربي
سيدي الدرويش يصحى
مثل غيمه من هديل



شفت ما شفت وتعبت.
طفل يمشي يسحب الشمس بظِّلاله
وشفت عاشق ما يغني
يحمل البحر فـ خياله
يعصره للغيم ويسأل
وتتدرّج كم مدينة من يديه ومن سؤاله
كيف نغسل عن جفون الورد دمعه
والذهب رمز الولاء؟


كيف نوصف للنشيد الحر أسرار الفراشة
واحنا نرسم في شواطي البحر
منفذ خارطة هذا الهباء؟
ولو قدرنا كيف نقدر ننسى تجار المنافي
ومذبحة شعب القوافي
وكيف ننسى شايب(ن) كسّر جفونه
يقطف من الليل معدن
ألف شكراً للغناء.



كم وكم نحتاج حتى
نسترد أرواحنا يا صاحبي ونقدر نطير؟
قال مدري
..كل شي يصعد يطيح
قلت يعني؟
قال يعني لا تحاول تستريح
قلت وحدي؟
قال وحدك
ما قدر إلاك يوقف في جبين الريح ريح



طير هات الشمس ندفى
طير واصعد لا نطيح.

طرت من منفى لغيمة
وشفت ما شفت ورجعت.
لارتعاشي في جفونك بحر يشرب غيمتين
غيمتين عيونك أنتِ
وثغرك النهر ويدينك شمعتين
شمعتين
ونحترق شعر ومنافي ونتعمّد زهرتين



زهرتين
وصمتك الناي وغيابك شارعين
شارعين
وننتهي فيك البداية
نبتدي منك النهاية بحر يشرب غيمتين
وكل هذا الشعر لك



وللمدينة
صمتها وشارع تعمّره المقاهي بالدخان
كيف صار الحلم أكبر من جهاتك!!
يوم قلنا لحارسك يا سيدي
من حكمة النفط انتبهنا للنشيد.
وللقبيلة بيت يكفي من دمي حتى دمي للواقفين بلا ظلال
[هذي القبائل ما تأمن بالسلام
هذي المدن لامنّها جاعت غريبة ما تلتهم غير الحمام]



وللخطيب الفذّ شكراً
لا تحاول تسرق أهداب النبي
جف دمع الدمع جف
ولا أمل غير المسدس للخلاص من الظلام

لا (يزيد) الله فينا  / ولا (الحسين) ولا (علي)
من سورة الإخلاص تولد في دم الشاعر بلد
(قل هو الله أحد)
ومن هنا يبدأ السلام.



وللمحرر انته انته.
والجريدة فصل ثالث من فصول المسرحية
شرع تثبيت النظام.


وللمغني:
لا تغنِّ

وللمحارب:
موت واقف
ينحني لصمتك بلد



ولشرطة الأمن السؤال
كيف صار العرش أوسع من بلادي؟!!
كيف صار الأمن دولة تستبيح الاحتلال؟!!



وللشهيد اللي تدلى من غصن غيمة ونام:
كم نحبك يا حبيبي
كم وكم للريح نصعد قافية لعرس الحمام



وللجياع اللي يعضون الألم:
لا تذبلوا.. لا تصمتوا.. نحتاجكم زهر(ن).. ودم
نحتاجكم منَ نزفنا حتى نغني للوطن
أول نشيدة للوطن
وتكون فصحى للخلود



نحتاجكم في لا نعم
نحتاجكم في معنى تفسير الولاء
نحتاج أساميكم تعنون كل شارع يلتفت للبحر ويحب الحياة.



لي عندكم صوتي المدوزن بالرصاص
لي فيكم الديك وصلاة الفجر.
ولي قهوة الصبح ومزاريب المطر
وجيران عاشوا طيبين
لي ذكريات المدرسة
ودفتر لرسم عيون (أمي) وشالها
وأجمل وصايا جدتي وجدي الضرير:
(صلِّ)
وأصلي خلفهم ما قد حفظت من الصلاة



لي ما لكم من مفردات المرحلة
ولي ما لكم من أغنيات.
عضوا الألم لا تذبلوا نحتاجكم زهر(ن) ودم.



شفت ما شفت وسألت

كم وكم يا صاحبي يمكن ويمكن كم وكم نقدر نفسّر
للخليج البحر وللبحر الخليج؟
قال لي تقدر ولكن
كم وكم يمكن ويمكن كم وكم تقدر تدافع عن خطايا الملح في جرح السحاب؟
قلت عمر من الضباب.
قال لي تقدر تفسر حكمة الزهر وحنينك للسراب؟
قلت يمكن. لو قدرت أحمل حضوري للغياب



قال لي: وشبه الجزيرة؟!!
قلت تشربها الرمال
شعب يمشي في القصيدة من شروق الغرب سال
طال هذا الليل طال
كم وكم يمكن ويمكن كم وكم يمكن نحب؟
ويلتفت محمود . أحمد
الشوارع ما تؤدي لأي شارع
ما تكمل أي درب.
وأنت واضح مثل حلمك
مثل نزفك.. مثل حبك للحياة.
وينطفي ويذوب حلم
وأنتِ لا هزك حنين ولا نبت فـ يديك فجر
كلما لحت الصدى رد الصدى صوتي وطاح



عصفور في حبل الغسيل فـ شرفتك
افتحي الشباك خايف
نسر في عيوني يحوم
والغربة نسر
الغربة أسر
الغربة منفى الغربة حرب
والغربة صوت بلا صدى



عدّي الحواجز والمخافر والكلاب
عدّي الجنود الواقفين فكل حلم فكل باب
سَمّي المدن بأسمائها
ولا تشربين الفجر كاس من النبيذ وتسكري
الفجر عرّاف السنين
وارمي ظلالي فكل شبر
للعاشقين نجومهم
وللحالمين الريح شعر.

غصن وحمامة ولون ثالث للألم
واضح(ن) هذا العلم
والصمت يولد من منافي الصمت صمت
والأمر شورى بينهم
غامض(ن) هذا العدم
والله يمنحنا الأمل



والدمع سال من النخيل
الدمع مال
بلل ورودك واذبلت في شعرك الغيم الورود
لا تسجدي للطين لا
الظلم ليل الليل ظلم
واضح(ن) هذا الصواب
تعوي الذئاب
ولا صدى إلا صدى صوت الذئاب
نمشي
تدور عيوننا
نركض/ نطيح/ نقوم/ نصعد للألم
نصنع مراكب من خيال
نبني مدينة من أرق
نرسم على الغيمة مطر
نكبر ونسحب للمواني من ضلوع الليل بحر



وللشمس نرمي خلفنا نجمة نعلمها الشروق
لا تقربين الرمل منفى
والجزر تفرش عيونك
للملوك العابرين من الأغاني للنشاز
شديني اصعد من فم التابوت لأسراب الغمام
ثم اعصريني في فمك جمر وعسل
كم قلت لك اني تعبت من التعب
أعدل جبين الصبح يتساقط عرق
ويرجع صدى صوت الذئاب
من وقظ أحلام الورق.



خلفي الظلام
وفي يميني وفي شمالي والأمام
الليل طال الصبح جفّ
والعمر ما بيني وبيني
يركل أقدامي ويسخر
لا تآمن بالصدف
يا شعبي المسكون همّ
الأرض تحتك جرح ينزف
والمسا في يديك دمّ
شعب يرقص في رصيف الانتظار
كل ما مرت قصيدة قال هذا حلم شاعر
ما يهم هذا لماذا
كم وكم يمكن ويمكن فاتنا صوت القطار؟
يفتحون الليل شرفة
يكنسون أحلامهم للأغنياء.. ويحلموا
ولو مال حلم وجفّ حلم
وذاب نجم وطاح معنى ومدّ هذا الغيم رمشه
فـ وجه شمس الصبح وغابت يحلموا.
ولو خلف جدران المطر أو في المنافي
والسجون المزبلة لا بدّ ولازم يحلموا.
و التفت للبحر واصرخ
لا صدى للبحر غيري
لا ولا غيري صداي
يا سيد الملح اختلفنا
شرق غرب الجرح نبني للمواعيد الخيام وننتظر
تفرك حنايانا الكلام
قال لي: لا تترك أحلامك وتمضي
خذ معك ما قلت وارحل للبيوت أسرارها
ما تكبر الأحلام فينا بعد ما تولد تموت
والبحر يضحك للغجر
علّم عيونك كيف تصحى لا تعلمها المنام
ولا تسمع أجراس الجنوب
وزحمة فراغك في الشتاء
واقطف دموعك من جفونك لو قدرت وبلّها
وابحر لآخر ما عصرت من الحروف
وقول لي: كم مرة(ن) طحت ووقفت؟

من قبل لاحلم بالصدى يا تاجر الحزن وركضت
وشلتني مني وطرت
ومن ظلالي طحت فيني ولا صرخت ولا انكسرت
شئت ما شئت وقدرت
العمر لي وحدي ولي
أخطاء زهر الياسمين
وصمت (فياض) الملاك اللّي يعلّمني الحنين
وعيون ظلي
وارتعاش الماء فيني لحلم (درويش) السلام
ولك منك فيك الليل لك
ولك ما رسمت من الحصار وما زرعت من الضجر فينا ولك
خوفك عليك من الصعود
وكل هذا النزف لك
ولك منك لي لي منك لك إنا اتفقنا الاختلاف
كم مرة(ن) لازم أفسّر غربتي
قال الغريب لغربته ورتّب ظلاله للرحيل
عالي(ن) هذا النشيد وساخر(ن) حتى الحذر
ومن خليج النفط حتى أول النفط الخليج أو آخره
أرمي حجر
يرتد لي صمت الحجر
ميلاد والسكة أغاني كلنا نحب الحياة
خمسين عام من الألم
وأمي تخيط أحزانها دمع وصلاة
سبعين عام من السهر
ووالدي يعصر نجوم الليل صبر
ولا نبت في وجهه المتعب سوى نظارته
وزحمة تجاعيد فـ جبينه ما تشدّ الانتباه
واحنا نربّي الصمت يمكن تنولد من زحمة الأحلام كلمة
أو يسيل الصبح من جرح الصدى
شمس وشوارع لاختبار الإتجاه.


واسع(ن) حلم القصيدة وأخضر(ن) مثل الغمام
عاشق يفتش في جيوب الليل عن مقهى وناي
فلاح يحلم بالشروق
صياد يبحر للدفى ويرجع حزين
شاعر يموت ولا يكفن بالعلم
كان يحلم بالزوايا
كان يغريه السؤال
يا سيدي
لو كنت مثلي تشرب الزهر وتعتّق خمرها للعاشقين بلا ثمن
شاعر تحب وتستحي من ظل ظلك لا يغار
لو كنت ربيت الأمل طفل وكبر بين المسدس والحصار
كنت انتفضت فوجه جلادك وقلت:
كلنا نحبّ الحياة
ولو كنت أنا أنت الملك يا سيدي ما كنت صدّقت الرّعاة



هذا حنيني
طفل يركض في الصدى عشرين عام من الخراب
هذا نشيدي
حافي(ن) يمشي ويمشي حامل(ن) سفر الخطايا
واستعارات الذنوب
يحملني مني لو مشيت فـ غيمة(ن) مابللت صوتي مطر
يختار لي موتي ويمضي واضح(ن) مثل الغياب
هذا هنا المعنى تدلى من أصابع غيمة(ن) نامت تغطيها النجوم
هذي خيام النفط يجلدها التعب شقّق ضفايرها التراب
هذا صراخ أجدادنا يلهث على الجدران عذبنا الصراخ
هذا أنا والشعر نصعد في مهب أحلامنا خلف السنين
والصمت حارس لا يمل ولا ينام ولا يموت
والصمت أرض الميتين
نسحب عيون الشمس يمكن
يقدر المنفى يفسر لغز صمت الأنبياء
يمكن نشوف الشمس في برج الأسد
تفتح لنا باب النهار. يمكن
ويمكن نشربك يا بلادنا كأس ونغني للنبيذ
[صَبّ العنب من شفتك
أحمر وبللنا وسال
والعطر نام فـ وجنتك
من وين ما ملتين مال]
يمكن
ويمكن تكسري كل المرايا
ونتبعثر منك فيك ونحلمك
أو نسألك
من خاط لك هذا السواد وبالمآذن قيّدك؟
من ضيّعك يا بلادنا ويـ بلادنا من ضاع بك؟
ردي الصدى
قولي لهذا البحر لا
وامشي معي.

لا شاعر(ن) إلاي تمشي في قصايده النجوم


أشتاق موتي كلما شفت الحقيقة في عيوني عشب يرعاه العدم
من أولي حتى نهايات الفصول
ما كنت إلا ما كتبت
كلما اشتهيت الفجر غرفة قلت أحبك يا (سما)
من ألف باء الحبر حتى
زرقة عيون البنفسج في دمي قبل الوداع

امضي وكن الشعر ليل أو كن كل الليل شعر
أشعل يديني شمعتين ولا يصدقني سواي
أشرب عيونك وارتوي
وارسم على رمش القصيدة ما حلمت من الكلام
مقهى يدوزن صورتي
ويمطر على المقهى ضباب
من كان من؟
أو من يكون المستحيل؟
كل الوجوه تكسرت
وحدي على المسرح وقفت
حي(ن) أشيعني قتيل
والجسر يبدأ بالنشيد وينتهي بصوت الأذان
والدمع يتناسل إذا
مس الوتر جفن الكمان
والفجر غصن(ن) يابس(ن) في صمتنا
والليل أورق ثم لان
تركض ظلالي وانتبه أركض أخاف من الظلال
لا أرض تحمل جثتي
أنزف ويحملني السؤال
من كان من؟ أو من يكون؟
أو كيف يمكن لو إذا؟ ماذا لماذا؟ هل فهمت؟؟؟
ولا يجاوبني سواي
أربع جهات الليل حلم
وأربع جهات الحلم ليل
وعيوننا تنبت على ضلوع الفقر
والفقر يعني المنحدر
يعني الضياع المختصر
يعني اتساع الحزن فـ عيون الصدى
يعني الضجر
يعني أداة الاحتمال
ممكن ولكن لو إذا ماذا لماذا هل فهمت؟
ولا يجاوبني سواي
الفقر جلاد الشرف أعظم رموز الاحتلال
والنفط يسقي زهر بستان الوزير
وينبت من النفط الذهب
والنفط يصنع معجزات
يبني شعوب
يرسم خرائط للدول
واحنا أبناء الخليج
تمتصنا عروق الصحاري لاجئين بلا سكن
نحفر ظلام أحلامنا للداخلين الخارجين من القصيدة للندى
والنسر في عرش الملك يحمي السماء من الصعود
والأرض أولها الصدى
وآخر الأرض الجنود
والحب شاعر ما وصف
غير الدموع اللي سكنت جفن التراب
واحنا ثملنا من الصبر
نمشي حفايا للوجع مثل الذنوب
أضيق منافينا الحياة
والحلم يذبل/ أو ينام من التعب
أو يحترق شمع ويذوب
أو ينسى مثلي
أو يحب
يفتزّني لو سال مني لي علي
وقال لي:
لو كنت حلمي كنت كذّبت المغني
وقلت: لا.
في ظل سور المدرسة قبل النشيد
قبل احتضار أطفالنا تحت العلم
بين المسدس والولاء
لو كنت حلمي كنت كسّرت المرايا ألف نجمة
وكنت ظلي في الندى
أو كنت شاعر/ أو فراشة/ أو عطر/ أولا أنا/
أو أي شي إلا الهباء
لو كنت حلمي كنت قلت لحارس الأحزان فينا:
لا تصدق ما كذبت.
أو قلت له: يا سيدي
لوكنت واحد مننا كانت قصايدنا أقلّ
أو كانت أحلامك أقلّ.

أو كنت حاولت وكتبت
ولونت جدران المدينة بالأمل
لو كنت واحد مننا كنا ملينا وحدتك
كنت استرحت فـ بيت واحد مننا
كلت وشربت ونمت ساعة
وفقت من حلم وضحكت
أو كنت في حزب العمل.. حزب الجياع الطيبين
الطائعين الرافضين
والمخلصين بلا ثمن
النازفين أحلامهم شمس وعرق
عمال تجار البنوك.
والرأسمالية عفن.
لو كنت واحد مننا كنت انتبهت لصرخة الشعب السؤال: كم مرةً لازم يفتش عننا في عتمة العرش الوطن؟


نمنا عرايا وانتفضنا وقلنا برد
لحفتنا بغيم الشتاء
لين الشتا فـ أجسادنا مـ البرد جفّ
قلنا تعبنا من الرصيف
قلت افتحوا للصبر نزف
قلنا ثملنا من الصبر
قلت اعزفوا يتناسل الليل ونعيش
هذا البلد طير(ن) كبر من دون ريش
لا تزرعوا أحلامكم
صبّوا قصايدكم غناء.
أصواتكم أخطاؤكم
والبحر بحر/ الماء ماء.

وبلادنا لبلادنا أو للورق
أو للكلاب الأغنياء.
للي بنوا مليون فندق من عرق
أو للصنم شيخ القبيلة ((المحترم))
أو للهباء.
للبحر يمكن/ للألم
أو للضباع اللي سكنت ظِّل العلم
أو للنشيد المستحيل.

والحلم باب المفردات/
شهوة وتر يشرب تفاصيل الكمان
والحلم تفسير العدم للحاملين الشعر في أكتافهم تابوت جمر
لثائرين/ الثابتين/ الصادقين/ الحالمين الأصدقاء
والحلم روح الظِّلّ/ ظلّ الروح/ حارس الصبح الأمين/ عُرف ديك الفجر/ سلّم للدعاء
والحلم كأس من العنب سُكّر تكسر في فمي
لك لا ولاء

والحلم يولد/ ينتفض/ يوقف/ يفتح/ ينتبه/ يضحك/ يطير
والحلم أول ما قرينا من لغة
والحلم منفذنا الأخير.

أحمد العريمي