-1-
ﻛﺎﻥ ﻭﻣﺎ ﻳﺰﺍﻝ ﺍﻟﺴﺠﻦ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﻮﺭ” ﺃﺣﺪ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﺍﻟﻔﺘﺎﻛﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺳﺘﺜﻤﺮﺗﻬﺎ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﺃﺳﻮﺃ ﺍﺳﺘﺜﻤﺎﺭ ، ﻟﻘﻤﻊ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺿﺔ ﻭﻛﺴﺮ ﺷﻮﻛﺘﻬﺎ . ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺎﻙ ﻓﺮﻕ ﺃﻭ ﺗﻤﻴﻴﺰ ﺑﻴﻦ ﺣﺰﺏ ﻭﺁﺧﺮ ، ﺑﻞ ﺇﻥ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﺍﻛﺘﻮﻯ ﺑﻨﺎﺭ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﻭﺳﻮﻁ ﻋﺬﺍﺑﻬﺎ”
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻮﺻﻞ ﻣﻴﺸﻴﻞ ﻓﻮﻛﻮ ﻓﻲ ﺩﺭﺍﺳﺘﻪ : ﺍﻟﺘﺄﺩﻳﺐ ﻭﺍﻟﻌﻘﺎﺏ : ﻧﺸﻮﺀ ﺍﻟﺴﺠﻦ ، ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺗﺎﺭﻳﺨﻬﺎ ﻣﺮﺗﺒﻂ ﺍﺭﺗﺒﺎﻃﺎ ﻭﺛﻴﻘﺎ ﺑﺎﻻﻳﺪﻟﻮﺟﻴﺔ ﺍﻟﻤﻬﻴﻤﻨﺔ ﻭﺗﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﺍﻟﺘﺴﻠﻂ ﻭﺍﻟﻤﻨﻈﻮﺭ ﺍﻟﺴﺎﺋﺪ ﻟﻠﺠﺴﺪ، ﻭﺑﺮﺑﻂ ﺗﺎﺭﻳﺨﻲ ﻭﺗﻔﺼﻴﻠﻲ ﻳﺒﻴﻦ ﺍﻟﺒﺎﺣﺚ ﻛﻴﻒ ﺗﻀﺎﻓﺮﺕ ﺍﻟﻌﻮﺍﻣﻞ ﻟﺘﻨﺸﺊ ﺍﻟﺴﺠﻦ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻣﺆﺳﺴﺔ ، ﻛﺘﺒﺖ ﻓﺮﻳﺎﻝ ﺟﺒﻮﺭﻱ ﻏﺰﻭﻝ ” ﻓﻮﻛﻮ ﻳﻘﺮﺃ ﺟﺴﺪ ﺍﻟﺴﺠﻴﻦ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﻋﻼﻣﺔ ﻳﺆﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺳﻴﺎﻕ ﺍﻟﺘﻐﻴﺮﺍﺕ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ ﻭﺃﺛﺮﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ، ﻓﻤﻦ ﺍﺣﺘﻔﺎﻟﻴﺎﺕ ﺍﻹﻋﺪﺍﻡ ﻭﻃﻘﻮﺱ ﺍﻟﺘﻌﺬﻳﺐ ﺍﻟﻌﻠﻨﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺳﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﺄﺩﻳﺐ ﻭﺇﻗﺼﺎﺀ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ، ﻧﺠﺪ ﻧﻘﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻡ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﺳﺘﻌﺒﺎﺩ ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺘﺤﻄﻴﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺪﺟﻴﻦ ، ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺃﺩﻯ ﺇﻟﻰ ﺍﻧﺸﺎﺀ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺗﺄﺩﻳﺒﻴﺔ ﺗﻀﻤﻦ ﺍﺣﺘﻮﺍﺀ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺘﺠﺎﻧﺲ ﻣﻊ ﺭﺅﻳﺔ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ، ﺍﻟﺴﺠﻦ ﺇﺫﻥ ﺁﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺣﺠﺰ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻒ ﻟﻐﺮﺽ ﺗﻄﺒﻴﻌﻪ ﺃﻭ ﺗﺼﻔﻴﺘﻪ.
ﻭﻣﺎ ﻧﺤﺪﺩﻩ ﺑﺎﺧﺘﻼﻑ ﺍﻷﺯﻣﻨﺔ ﺯﻣﻦ ﻋﻦ ﺁﺧﺮ ، ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻠﻌﺐ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻣﻞ ﺍﻟﻤﺤﻮﺭﻱ ﺍﻟﺪﻭﺭ ﺍﻟﻬﺎﻡ ﻓﻲ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﺴﺠﻴﻦ ، ﻣﻌﺘﻤﺪﺍ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺗﻄﻮﺭ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﻘﻤﻌﻴﺔ ﻭﺩﺭﺟﺔ ﻭﺣﺸﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﻴﻦ ﻋﻠﻴﻬﺎ ، ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﺩﺭﺟﺔ ﺍﻟﻤﻮﺍﺟﻬﺔ ﻭﺣﺪﺗﻬﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺿﺔ.
ﻧﻌﻄﻲ ﻟﺬﻟﻚ ﺣﺎﻟﺘﻴﻦ ﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺘﻴﻦ ﺣﺪﺛﺘﺎ ﻓﻲ ﺃﺯﻣﻨﺔ ﻣﺘﻘﺎﺭﺑﺔ ﺑﻌﻤﺎﻥ ﻭﻣﺎ ﺃﺩﻯ ﺇﻟﻰ ﺗﻨﺎﻗﺾ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺴﺎﺟﻴﻦ ﻃﺒﻘﺎ ﻻﺧﺘﻼﻑ ﻧﻮﻋﻴﺔ ﺍﻟﺤﻜﺎﻡ ﻭﺩﺭﺟﺎﺕ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﻭﺍﺣﺘﺪﺍﻣﻪ.
1- ﺳﺒﺐ ﻣﻮﺕ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻮﺍﺭﺙ ﺑﻦ ﻛﻌﺐ – ﺗﻮﻟﻰ ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ ﻓﻲ 179 ﻫﺠﺮﻳﺔ ﻭﺗﻮﻓﻰ ﻓﻲ 192ﻫﺠﺮﻳﺔ، ﺃﻧﻪ ﻏﺮﻕ ﻓﻲ ﺳﻴﻞ ﻭﺍﺩﻱ ﻛﻠﺒﻮﻩ ﻣﻦ ﻧﺰﻭﻯ ﻭﻏﺮﻕ ﻣﻌﻪ ﺳﺒﻌﻮﻥ ﺭﺟﻼ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ، ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﺳﺠﻦ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺑﻨﺰﻭﻯ ﻋﻨﺪ ﺳﻮﻗﻢ ﻣﺎﺋﻞ ، ﻭﺍﻟﺴﻮﻗﻢ ﺷﺠﺮ ﻣﻌﺮﻭﻑ ، ﻭﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺠﻦ ﺃﻧﺎﺱ ﺳﺠﻨﻮﺍ ﺑﺄﻣﺮ ﺍﻟﻮﺍﺭﺙ ﻓﺄﻣﺮ ﺑﺈﻃﻼﻗﻬﻢ ﻓﻠﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ ﺃﺣﺪ ﺃﻥ ﻳﻤﻀﻲ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﺧﻮﻓﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﺩﻱ ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻬﻢ ﺍﻹﻣﺎﻡ : ﺃﻧﺎ ﺃﻣﻀﻲ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﺇﺫ ﻫﻢ ﺃﻣﺎﻧﺘﻲ ﻭﺍﻧﺎ ﺍﻟﻤﺴﺌﻮﻝ ﻋﻨﻬﻢ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ، ﻓﻤﻀﻰ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﻭ ﺍﺗﺒﻌﻪ ﻧﺎﺱ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﻓﻤﺮ ﺑﻬﻢ ﺍﻟﻮﺍﺩﻱ ﻓﺤﻤﻠﻬﻢ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺤﺒﻮﺳﻴﻦ ﻓﻤﺎﺕ ﺍﻟﻮﺍﺭﺙ ﻓﻲ ﻏﺼﻴﻦ ﺷﺠﺮﺓ ، ﻭﻗﺒﺮﻩ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺟﻒ ﺍﻟﻮﺍﺩﻱ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻌﻘﺮ ﻭﺳﻌﺎﻝ ﻣﻦ ﻧﺰﻭﻯ ، ﻭﻗﺒﺮﻩ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﺸﻬﻮﺭ ﻛﻤﺰﺍﺭ ﻣﻌﺮﻭﻑ ﺇﻟﻰ ﺍﻵﻥ.
2- ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﺰﺍﻥ ﺑﻦ ﺗﻤﻴﻢ ﻳﺴﺒﻖ ﺍﻟﺤﺒﻴﺐ ﺍﻟﻌﺪﻟﻲ ﺃﻟﻒ ﻋﺎﻡ ﻓﻲ ﺍﺳﺘﻐﻼﻝ ﺍﻟﻤﺴﺎﺟﻴﻦ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺃﻫﺪﺍﻓﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ، ﻫﺬﺍ ﻧﻤﻮﺫﺝ ﺑﺎﺋﺲ ﻳﺘﻨﺎﻗﺾ ﺟﺬﺭﻳﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﻟﻺﻣﺎﻡ ﺍﻟﻮﺍﺭﺙ ، ﻓﻤﺎ ﺣﺪﺙ ﺃﻥ ﻋﺰﺍﻥ ﺑﻦ ﺗﻤﻴﻢ (ﺗﻮﻟﻰ ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ ﻓﻲ 277 ﻫﺠﺮﻳﺔ ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻘﺘﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺑﻮﺭ ﻗﺎﺋﺪ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﺍﻟﻌﺒﺎﺳﻲ ﺍﻟﻤﻌﺘﻀﺪ ﻓﻲ 280 ﻫﺠﺮﻳﺔ ).
ﻣﺎ ﺣﺪﺙ ﺃﻥ ﻋﺰﺍﻥ ﺑﻦ ﺗﻤﻴﻢ ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺯﻣﻦ ﺻﺮﺍﻋﺎﺕ ﻣﺤﻠﻴﺔ ﻭﺧﺎﺭﺟﻴﺔ ، ﻭﺇﻣﺎﻣﺘﻪ ﻗﺎﻣﺖ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻘﺎﺽ ﺣﺮﺏ ﺩﺍﻣﻴﺔ ﺫﺍﺕ ﺑﻌﺪ ﻃﺎﺋﻔﻲ ﻣﺤﻠﻲ ﺗﺠﺴﺪ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻛﺘﻲ ﺍﻟﺮﻭﺿﺔ ﺑﺘﻨﻮﻑ ﻭﻣﻌﺮﻛﺔ ﺍﻟﺮﺳﺘﺎﻕ .. ﻛﺘﺐ ﺍﺑﻦ ﺭﺯﻳﻖ ” ﻟﺒﺚ ﻣﻮﺳﻰ ﻭﻋﺰﺍﻥ ﻭﻟﻴﻴﻦ ﻟﺒﻌﻀﻬﻤﺎ ﺍﻟﺒﻌﺾ – ﻳﻘﺼﺪ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﻮﺳﻰ ﺑﻦ ﻣﻮﺳﻰ – ﻣﺎ ﺷﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﺣﺘﻰ ﻭﻗﻌﺖ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺍﻟﻤﺤﻦ ، ﻓﻌﺰﻝ ﻋﺰﺍﻥ ﻣﻮﺳﻰ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻭﺗﺨﻮﻑ ﻋﺰﺍﻥ ﻣﻦ ﻣﻮﺳﻰ ﻓﻌﺎﺟﻠﻪ ﺑﺠﻴﺶ ﺃﻃﻠﻖ ﺑﻪ ﻛﺎﻓﺔ ﺍﻟﻤﺴﺠﻮﻧﻴﻦ ، ﻓﺴﺎﺭﻭﺍ ﺇﻟﻰ ﺇﺯﻛﻲ ﻭﺩﺧﻠﻮﺍ ﺣﺠﺮﺓ ﺍﻟﻨﺰﺍﺭ ، ﻭﻃﻔﻘﻮﺍ ﻳﻘﺘﻠﻮﻥ ﻣﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﻳﺄﺳﺮﻭﻥ ﻭﻳﻨﻬﺒﻮﻥ …ﺇﻟﺦ”.
ﺃﺧﻴﺮﺍ ﺃﺳﻮﻕ ﻧﻤﻮﺫﺟﺎ ﻣﺄﺳﺎﻭﻳﺎ ﻟﺴﺠﻴﻦ ﻋﻤﺎﻧﻲ ﺃﻋﺪﻡ ﻓﻲ ﻋﺎﻡ 1973ﻡ. ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﺧﺼﻴﺼﺎ ﻟﻠﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﻠﻴﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﻴﻦ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﺑﺎﻟﺴﺠﻦ ﺍﺛﻨﺘﻲ ﻋﺸﺮ ﻋﺎﻣﺎ، ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺍﺣﺘﺞ ﺍﻟﺴﺠﻴﻦ ﻏﺎﺿﺒﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﺴﺎﻭﺓ ﺍﻟﺤﻜﻢ ، ﺃﺩﺧﻞ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻟﻠﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻤﻴﺠﺮ ﺗﻴﻢ ﻟﻨﺪﻥ، ﺍﻟﺬﻱ ﻓﺎﺟﺄﻩ ﺑﺄﻧﻪ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﺣﺘﺠﺎﺟﻪ ﻭﻋﺪﻡ ﺭﺿﺎﻩ ﻋﻠﻰ ﺣﻜﻢ ﺍﻻﺛﻨﺘﻲ ﻋﺸﺮ ﻋﺎﻣﺎ ﻗﺮﺭﻧﺎ ﺭﻓﻊ ﺩﺭﺟﺔ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﻋﺪﺍﻡ ، ﻭﺃﻋﺪﻡ ﺍﻟﺴﺠﻴﻦ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﻓﻘﻂ ﻻﺣﺘﺠﺎﺟﻪ ﻋﻠﻰ ﻗﺴﺎﻭﺓ ﺍﻟﺤﻜﻢ. ﺫﻟﻚ ﻧﻤﻮﺫﺝ ﻣﺄﺳﺎﻭﻱ ﻓﻘﻂ ﻟﻠﺘﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻛﻴﻒ ﻳﺘﻼﻋﺐ ﺍﻟﺴﺠﺎﻥ ﺑﺄﻭﺭﺍﺡ ﺍﻟﻤﺴﺠﻮﻧﻴﻦ ﻭﻣﺼﺎﺋﺮﻫﻢ ﻃﺒﻘﺎ ﻟﻬﻮﺍﻩ ﻭﻣﺰﺍﺟﻪ.
-2-
ﺃﻫﻤﻞ ﺍﻟﻌﻤﺎﻧﻴﻮﻥ ﻛﺜﻴﺮﺍ ﻣﺎ ﻧﻌﺮﻓﻪ ﺑﺄﺩﺏ ﺍﻟﺴﺠﻮﻥ ، ﺭﻏﻢ ﻛﺜﺮﺓ ﻓﻘﻬﺎﺋﻬﻢ ﻭﺷﻌﺮﺍﺋﻬﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺳﺠﻨﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﻣﺪﺍﺭ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻷﺳﺒﺎﺏ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ، ﻭﻻ ﻳﺠﺪ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﺍﻟﻤﺘﺎﺑﻊ ﻣﺒﺮﺭﺍ ﻟﺬﻟﻚ ، ﺧﺎﺻﺔ ﻭﺍﻧﻬﻢ ﻛﺘﺒﻮﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﻭﺍﻟﺤﻨﻴﻦ ﻭﺍﻟﺤﺐ ﻭﺍﻟﺘﺼﻮﻑ ﻭﺍﻟﻤﻮﺕ …. ﺃﻟﺦ ﺇﻻ ﺃﻥ ﺃﺩﺏ ﺍﻟﺴﺠﻮﻥ ﻇﻞ ﺧﺎﻓﺘﺎ..
ﺗﻜﺘﺐ ﻓﺮﻳﺎﻝ ﺟﺒﻮﺭﻱ ﻏﺰﻭﻝ ﻋﻦ ﺳﺒﺐ ﺑﺮﻭﺯ ﺟﻨﺲ ﺃﺩﺑﻲ ﺃﻭ ﺍﻧﺰﻭﺍﺀﻩ ” ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻣﺎ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﺘﺮﻛﻴﺒﺔ ﻣﻌﻘﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺻﻴﺪ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻲ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻭﺃﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﺍﻹﻧﺘﺎﺝ ﻭﺃﻧﺴﺎﻕ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﻭﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﻓﺎﻟﻨﻘﺎﺩ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻻ ﻳﺘﺤﺪﺛﻮﻥ ﻋﻦ ﺗﺮﺍﺗﺐ ﺍﻷﺟﻨﺎﺱ ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ ﺑﻴﻦ ﺭﺍﻗﻴﺔ ﻭﻭﺿﻴﻌﺔ ، ﻣﺘﺤﻀﺮﺓ ﻭﺑﺪﺍﺋﻴﺔ ، ﺍﻧﻤﺎ ﻋﻦ ﺗﻔﺎﻭﺗﻬﺎ ﻭﺗﺒﺎﻳﻨﻬﺎ ﻭﺗﻌﺪﺩﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺎﺕ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ” ﺃﺟﺪ ﺃﻥ ﺃﻫﻢ ﺍﻷﺟﻨﺎﺱ ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻫﺘﻢ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻌﻤﺎﻧﻴﻮﻥ ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻫﻮ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺍﻟﺴﻴﺮ ﺍﻟﺬﺍﺗﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ، ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻫﻮ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺠﻨﺲ ﺍﻷﺩﺑﻲ ﺍﻟﺴﺎﺋﺪ ﻫﻮ ﺷﻌﺮ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻓﺎﺕ ، ﻫﻜﺬﺍ ﻧﺠﺪ ﺍﻟﻔﻮﺍﺭﻕ ﺣﻘﺎ ﺗﻮﻟﺪ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﺍﻟﺠﻨﺲ ﺍﻟﻤﻨﺘﺸﺮ ﻋﻦ ﻏﻴﺮﺓ ، ﻟﻜﻨﻨﺎ ﻣﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﺪﺭﺓ ﻓﻲ ﺃﺩﺏ ﺍﻟﺴﺠﻮﻥ ﺍﻟﻌﻤﺎﻧﻲ ﻧﻘﻒ ﻋﻠﻰ ﺭﻏﻢ ﻗﻠﺘﻬﺎ ﺗﺆﺳﺲ ﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻭﻣﻐﺎﻳﺮﺓ ﺃﻫﻤﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻲ ﺍﻟﻌﻤﺎﻧﻲ ﻗﺼﺎﺋﺪ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺍﻟﺴﻠﻴﻤﺎﻧﻲ ، ﺍﻟﺬﻱ ﺳﺠﻦ ﻓﻲ ﺣﺼﻦ ﺳﻤﺎﺋﻞ ﻣﺪﺓ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﻭﺿﻤﻦ ﻗﺼﺎﺋﺪﻩ ﺗﺤﻘﻴﻘﻪ ﻟﻤﺨﻄﻮﻃﺔ ﺩﻳﻮﺍﻥ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺭﺍﺷﺪ ﺍﻟﺤﺒﺴﻲ . ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﻷﻫﻢ ﺑﻌﺪﻩ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﺤﻴﺮﺍﻥ ﻓﻲ ﺃﺣﻮﺍﻝ ﻋﻤﺎﻥ ﻟﻠﺸﻴﺦ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺣﻤﺪ ﺍﻟﺤﺎﺭﺛﻲ ، ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻭﺛﻖ ﻓﻴﻪ ﺗﺠﺮﺑﺘﻪ ﻓﻲ ﺳﺠﻦ ﺍﻟﺠﻼﻟﻲ ، ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺍﻋﺘﻘﻞ ﻓﻲ ﺳﺘﻴﻨﻴﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﺛﻢ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻤﺘﻤﻴﺰ ﻗﺼﺎﺋﺪ ﻭﺭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻧﺎﺻﺮ ﺑﻦ ﺭﺍﺷﺪ ﺍﻟﻤﻨﺬﺭﻱ ﻓﻲ ﺳﺠﻨﻲ ﺍﻟﺠﻼﻟﻲ ﻭﺍﻟﺮﻣﻴﺲ ، ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻡ ﻣﺸﻜﻮﺭﺍ ﺑﺘﺤﻘﻴﻘﻪ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺭﺍﺷﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺑﻲ . ﺃﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻷﻋﻮﺍﻡ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ﻓﻘﺪ ﻧﺸﺮ ﺍﻟﻘﺎﺹ ﺃﺣﻤﺪ ﺍﻟﻤﻌﺸﻨﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺘﻪ ﺍﻟﻘﺼﺼﻴﺔ “ﺩﺛﺎﺭ” ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻛﺘﺐ ﻣﻌﻈﻢ ﻧﺼﻮﺻﻬﺎ ﻓﻲ ﺳﺠﻦ ﺍﻟﻤﻨﻮﻣﺔ ﺃﺑﺎﻥ ﺍﻋﺘﻘﺎﻟﻪ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﺗﺴﻌﻴﻨﻴﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ، ﺑﻌﺪﻩ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻌﺒﺮﻱ ” ﺇﺷﺮﺍﻗﺎﺕ ﺍﻟﺮﻭﺡ” ﺃﺑﺎﻥ ﺍﻋﺘﻘﺎﻟﻪ ﻋﺎﻡ 2004ﻡ.. ﺃﺭﺟﺊ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﻣﺠﻤﻮﻋﺘﻲ ﺍﻟﻤﻌﺸﻨﻲ ﻭﺍﻟﻌﺒﺮﻱ ﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﻻﺣﻘﺔ ﻭﺃﻗﺪﻡ ﻫﻨﺎ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺃﻋﺮﻑ ﺑﻬﺎ ﺑﻌﻤﻠﻲ ﺍﻟﺤﺎﺭﺛﻲ ﻭﺍﻟﻤﻨﺬﺭﻱ ، ﺑﻐﻴﺔ ﺭﺑﻂ ﻋﻘﺪ ﺍﻟﺤﺒﻞ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺑﻴﻦ ﺗﺠﺎﺭﺏ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﻭﺍﻟﺤﺎﺿﺮ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﻧﻀﺎﻟﻴﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺣﺘﻰ ﻣﻊ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﻣﻨﺎﺑﻌﻬﺎ ﻭﻃﺮﻕ ﺟﺮﻳﺎﻧﻬﺎ.
ﻳﺘﺒﻊ >
منقول/سماءعيسى