بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى : {قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا}. صدق الله العلي العظيم.
إلى جلالة السلطان قابوس بن سعيد
إلى أصحاب الضمائر الحرة في جهاز الأمن العماني
إلى كل من يؤلمهم هتك حق الإنسان والمساس بكرامته..

نوضح لكم أن أخينا المعتقل {سلطان السعدي } أكمل في لحظة نشر هذا البيان (18) يوما , بما تخللها من أيام عيد , دون أن يمكن من أبسط حقوقه التي كفلها القانون. حيث أن {{ الإدعاء العام }} أفاد بأن يده مغلولة، شاهراً المادة الجديدة من قانون الإجراءات الجزائية الرقيمة ب(50) والتي فحواها أن لمأموري الضبط {الأجهزة الأمنية} الحق في حبس المتهم لمدة تصل إلى الثلاثين يوما. الإدعاء العام السلطة القضائية التحقيقية المناط إليها أمر التحقيق ترفع يدها علانية وتبرأ من الموضوع حتى تكتمل مدة الثلاثين يوما . وعندما نسألها عن مدلول مصطلح ( التنسيق ) المنصوص علية في المادة (4)من قانون الإجراءات الجزائية تلوذ بالصمت ؟ نسألها : ألستم من عهد إليكم القانون سلطة الإشراف على السلطة الضبطية (الأجهزة الأمنية )؟
ألستم من صدّرَ أمر القبض ؟؟ { إن صدر}؟
ألستم من صدّرَ أمر التفتيش { إن صدر }؟
ألستم الجهة التي أصدرت أمر الحبس { إن صدر }؟
ألستم الجهة التي جددت أمر الحبس { إن جدد } ؟

الإدعاء العام الذي يفترض أنه باشر وأشرف على جميع تلكم الأوامر يعجز عن تحديد المكان الذي يحبس فيه ( سلطان ) ثم يعجز عن تحديد الجهة التي تعتقله ، ويكتفي بالقول إنه في قبضة الأجهزة الأمنية . أي جهاز ؟ لا يعلم . الإدعاء العام انتقى نصا واحدا يبرر عجزه ، غير أنه تناسى نصوصا تلقي عليه واجباً ثقيلا ، واجبٌ من أثقل الواجبات وأقدسها ، وهو أن يرضي الدعوى الجزائية بضمير إنساني قضائي .

أما {{ الأجهزة الأمنية }} فإنها لا تسمح ( لسلطان ) بأن يلتقي بمحاميه ,لا يمكن محاميه من الإطلاع على ملف القضية , لا يواجه بتهمة , ومن البداهة أن لا يواجه بالدليل. المادة (24) من النظام الأساسي تنص على أن "يبلغ كل من يقبض عليه أو يعتقل بأسباب القبض عليه فورا ويكون له حق الإتصال بمن يرى بما وقع" ورغم ذلك لم نجد سبيلا إلى إعمال وتفعيل ذلك النص الدستوري . ليس ذلك فحسب بل أن الأجهزة الأمنية تسول لها نفسها أن تساوم طرفا هي مسؤولة عن حمايته من أجل حصول أخينا على حقوقه التي كفلها له القانون . ليس هذا فقط، لقد ساومت الأجهزة الأمنية على إطلاق سراح أخينا (سلطان السعدي ) قبل العيد بشروط تعجيزية حيث طلب إلى العائلة إيقاف أحد المعرفات التي عجز جهاز الأمن عن إيقافها على موقع التواصل الاجتماعي تويتر. فكيف تصادر حرية أخينا ويساومنا جهاز الامن على حريته بما عجز الجهاز رغم إمكانياته عن الآتيان به؟ بمن نستجير؟؟؟ ولم نلجأ عندما تتعسف القوة؟

أما "لجنة حقوق الإنسان" فقد جرأت وعلى مرأى الجميع، من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وتحديدا ( تويتر ) أن تجد التبريرات الكافية لما ساقته لها الأجهزة الأمنية من تصور يتنافى مع التصور الذي تطرحه أسرة المعتقل . تحدثت وبررت ، غير أنها عجزت عن الإجابة على أسئلة بديهية مثل : هل التقيتم بالمعتقل (سلطان) ؟ هل استمعتم إليه ؟ هل زرتم محبسه ؟؟ لجنة حقوق الإنسان نظرت بعين واحدة , واستمعت بأذن واحدة , وتناست القاعدة القضائية الفقهية القائلة (( إذا أتاك أحد الخصمين وقد فقئت عينه فلا تقض له حتى يأتيك خصمه فلعله قد فقئت عيناه جميعا))

لقد نصت المادة 18 من النظام الأساسي للدولة على أن {الحرية الشخصية مكفولة وفقا للقانون}}. وحيث أن أخينا المعتقل {سلطان السعدي } مازال في قبضة الأجهزة الأمنية بالدولة ,لا نعلم أين يحبس ؟ ولا على ماذا يحبس ؟ ولا نعلم ما هي الأدلة التي يركنون إليها في توجيه التهمة إليه ؟ لم نتمكن من الإلتقاء به , ولم يمكن محاميه من لقائه سوى مرة واحدة يتيمة مشوبة بظروفها الخاصة بدلالة أنها لم تتكرر مرةً أخرى . ومع انقطاع أي اتصال معه بعد اتصال واحدٍ ولثواني معدودة في اليوم الثالث لاعتقاله، فإننا كأسرة نعبر عن قلقنا البالغ على سلامته الجسدية والنفسية ومن احتمال تعرضه لمعاملة غير إنسانية، وهي المعاملة التي كانت سبباً في فقدانه الوعي بمعتقله في يونيو 2012 .

إننا نؤمن إيمانا صادقا بمقدرتنا على أن نمنع ذواتنا من ارتكاب الجرائم ,غير أننا عاجزون عن أن نمنع أنفسنا من أن نكون متهمين . وحيث أن أخينا قد صار متهما فإن العدالة تقتضي أن يمكن من حقوقه القانونية التي رسمها القانون . وإن إجهاض تلكم الحقوق هو وأد للعدالة ذاتها . وبمعنى أكثر دقة هو خروج على مبادئ النظام الأساسي وعلى قانون الإجراءات . إننا نؤمن ، أن التسلح بالضمير الإنساني هو الأهم ، بل هو أعلى من الرجوع إلى النصوص القانونية ذاتها . فبالضمير تطبق النصوص تطبيقا صحيحا , تطبيقا يستجلي روح العدالة لا جمود النص وإن كان العقل يسير بنا إلى المعرفة فإن الضمير يسير بنا إلى الحق وبه تتحقق العدالة . وإن اللحظة التي يغيب فيها الضمير ، هي ذاتها اللحظة التي تنتهك من خلالها النصوص لتصبح أداة للبطش وتكريسا للظلم والهوان .
إن المساومة التي تمارسها الأجهزة الأمنية على الحقوق هي في حقيقتها سلوكيات لا انسانية . تساوم الأخت على زيارة أختها المعتقلة بأن تجعلها تعترف , ويساوم الأخ على أن يجعل أخيه المتهم يتحدث !! يساوم المتهم ذاته على نيل حقوقه التي كفلها له الدستور ، وفصلها القانون فيطلب منه الحديث ليفرج عنه وإلا فإن الحبس سيطول ، رغم أن الصمت حق له . فأية عدالة ينشدون , وأية حريات يصونون ؟!
تعلمنا من إرثنا العماني(( أن من يذهب للقاضي يأتي راضي )) كناية عن الرضا والتسليم والانقياد لمنطق العدل , فلا صوت يعلو فوق صوت الحق. أما اليوم ونحن في عصر العلم والتطور ، لا نرى إلا إمكانيات تسخر لتعقب الناس واصطيادهم بل والإطاحة بهم بغية زجهم في السجون . هدفهم ومرماهم الإعتراف أيا كانت آليته ، دون سبر لغوره ، ودونما وقوف على مدى مطابقته للحقيقة الواقعية من عدمها ، بالأصح دون تقيد بقيد الوسيلة التي تنظم ذلك . قاعدتهم : أن الغاية تبرر الوسيلة ، حتى لو صار الثمن المدفوع هو المساس بحرية الإنسان والعصف بكرامته . وهذا هو شأن من لا ضمير إنساني له .
جلالة السلطان المفدى /
أنت القاضي والمعلم , منك تعلمنا أن القضاء هو الحارس الطبيعي للحريات .وأنت من القيت على مسامعنا دررا في مطلع حكمكم ,عندما قلت ((إن إزالة الظلم هو طريق السلام إذا لم يكن السلام ذاته )) وعلمتنا ((أنك ضد الظلم والظلام ومع العدل والنور والوئام )) منك نهلنا ثمارا باسقات عندما ذكرت ((يجب احترام الإنسان بما يكفل حقوقه المشروعة وفي مقدمتها حقه في الكرامة وعدم الإذلال ))
أنت من تفضلت بالنظام الأساسي , ورسمت له بابا مستقلا عن الحقوق المكفولة للفرد . لذلك نناشدك التدخل لجبر ما كسر , ولإضاءة ما أنطفئ ، ولإصلاح ما أعوج . فلا جابر غيرك ولا مصلح سواك . حفظك الله من كل مكروه.
إلى كل قلم حر ، إلى كل حقوقي صادق , إلى الجمعيات الأهلية , والمؤسسات المدنية، إلى الإنسان العماني إليكم جميعا نقول :
إنهم لم يعتقلوا ( سلطان ) بمقدار ما اعتقلوا العدالة، وقيدوا الحرية، وسجنوا القانون .
إنهم لم يستبيحوا عرض ( بيت سلطان ) , بمقدر ما دنسوا بيوتات عمان جميعها .
أم سلطان أليست أمكم ؟؟
وأبنه (المهند )أليس أبنكم ؟؟!!
إن ثقته فيكم لا حدود لها ، وثقته في الله سبحانه وتعالى أكبر


أسرة المعتقل سلطان بن حمود السعدي
عنهم أختهم الدكتورة فاطمة بنت حمود السعدي