الأربعاء، 31 يوليو 2013

بدر العبري / مجلة الفلق / قراءة في إغراق هاشتاق “#سلطان_السعدي”


قراءة في إغراق هاشتاق “#سلطان_السعدي”

نافذة/
تواردت الأخبار عبر موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” مساء الاثنين التاسع والعشرين من يوليو عن اعتقال سلطان السعدي، وهو أحد متهمي قضايا الإعابة بالذات السلطانية خلال العام الماضي حيث تأجلت محاكمته 13 مرة دون إدانته قبل أن يصدر العفو السلطاني في مارس 2013م ليغلق ملف القضية. [1]
والجديد هذه المرة ليس الحدث بنفسه، وليس مدى صحة الأقوال التي تدور حول آلية اعتقال الرجل ولا قانونيته، بقدر ما كان يكمن في مفاجئة جديدة تتمحور في أن الهاشتاق “#سلطان_السعدي” بتويتر والذي كان مُخصصاً لمناقشة تفاصيل اعتقاله والتعبير عن ردة الفعل تم “إغراقه” من قبل حسابات يديرها مجهولون بقصائد وأخبار وطنية وأخرى لا علاقة لها بالموضوع بتاتاً ولا تحمل أية وجهة نظر سواءً كانت مع أو ضد الاعتقال. وهو ما أدى في نهاية المطاف إلى لجوء المُغردين إلى خلق هاشتاقات أخرى لمناقشة القضية.
وفي هذا التقرير المُبسط فإنني سأناقش الذي حدث وأحاول تفسير عمل آلية تلك الحسابات، وذلك بعيداً عن تناول تفاصيل اعتقال السعدي التي لا تزال مجهولة، وكذلك فإنني لا أملك هنا أن أتهم أي شخص أو أية جهة بالوقوف خلف تلك الحسابات، وتظل كافة الاحتمالات مفتوحة إلى حين ورود تفاصيل أخرى.

-1-
بدايةً فإن فكرة إغراق الهاشتاق بتغريدات لا علاقة لها بالموضوع ليست جديدة تماماً في الخليج، فحسب دراسة قام بها “أسامة بن مساعد المحيا” بعنوان “الحسابات الوهمية وإغراق الهاش تاق عبر تويتر: دراسة تحليلية في التأطير وصناعة الرأي” [2] فإن السعودية قد سبقتنا في هذا المجال، ومحلياً فإن هاشتاق “#ذياب_العامري” تعرض لذات المحاولة ولكن بدرجة أقل حينما تم اعتقال صاحبه في نهاية مايو الماضي.
وفي دراسته قام المحيا بتناول القضايا التي تم فيها إغراق الهاشتاقات (#السعودية، #قطر، #اعتصام_بريدة، ..الخ) والآليات المختلفة التي تم بها الإغراق سواءً من خلال وجهات النظر التي تتبناها والتي تسعى لخلق رأي عام وهمي باتجاه مُعين أو لتشويش الحوار في الهاشتاق وصرف الناس عنه، أو من خلال وضع صور شخصية لأناس آخرين، وكذلك عبر تغيير مسميات معرفاتهم بين فترة وأخرى زيادةً في التمويه وما إلى هنالك من وسائل.
ولعله من الواجب هنا أن أنصح بالاطلاع على ورقة المحيا البحثية (والمتوفرة وصلتها بالهامش) لتكوين صورة أوضح عن آليات عمل تلك الحسابات ومن يقف ورائها، حيث أن أطروحتي هنا لن تُقدم سوى صورة سريعة للغاية عمّا حدث خلال الأيام الماضية بهاشتاق “#سلطان_السعدي” ولا أدعي أنها ستكون كافية بتاتاً لفهم الصورة كاملة.

-2-
يجب التوضيح  بأن الإحصائيات والمعلومات الواردة هنا ليست ثابتة أو قطعية وذلك نظراً لمواصلة الحسابات الوهمية المقصودة بهذه الدراسة المشاركة في تويتر لاستمرار اعتقال سلطان، فيما أنني قمت بأخذ الإحصائيات صباح يوم ال31 من يوليو ما بين التاسعة والعاشرة والنصف صباحاً.
من الملاحظ بدايةً أن جميع تلك الحسابات تستخدم تطبيق TweetAdder v4 [3] من أجل التغريد كما تُبين الصورة أدناه، وهو تطبيق مدفوع لديه مزايا عديدة ولكن ما يهمنا منها الآن هو قدرة المُستخدم على إدارة العديد من حسابات توتير بنفس الوقت، والقدرة على جعله يعمل بشكل آلي بحيث يُرسل مجموعة من التغريدات في أوقات معينة، وكذلك جعله يقوم بإعادة تغريدات حساب مُعين، أو التغريد من موقع إخباري ما باستخدام خاصية ال RSS. وهو ما يُبرر استمرار الحسابات بالتغريد لساعات متواصلة دون انقطاع، كما يُبرر عدم طرحها لوجهة نظر معينة أو مضادة والاكتفاء فقط بإغراق الهاشتاق وتعطيل فائدته بدلاً من محاولة المشاركة فيه بوجهة نظر مضادة وإضفاء انطباع بوجود رأي عام مضاد قوي لما يتم طرحه من قبل مستنكري اعتقال السعدي. undefined

و كذلك فإن تلك الحسابات تم  تسجيلها بتويتر في شهر مارس 2013م (وهو ذات الشهر الذي أُفرج فيه عن معتقلي الإعابة) ولا صور شخصية لهم؛ فصورهم بالغالب تكون لصاحب الجلالة أو صورة وطنية إن كان المُعرّف ذكراً أو لفتيات وفنانات أجنبيات إن كان أُنثى. هذا بالإضافة إلى أن انتهاء أسمائهم بأرقام بدلاً من الحروف.
ويُضاف إلى هذا كله هو عدم وجود تفاعل سوى فيما بينهم وهو ما يحدث إلا نادراً، فلا يقوم الواحد منهم بالرد على أحد آخر أو إضافة تغريدة ما لمفضلته، وإعادة التغريد تتم فيما بينهم فقط.
ولنطلع أكثر على آلية عمل هذه الحسابات فإنني سأضرب المثل بحسابين اثنين منهما:
- محمود الوضاحي: @mahmoud1987781
وكما هو واضح من الصورة أدناه [مصدرها: http://www.socialbakers.com] فلمحمود ما يُقارب الألف تغريدة، ويتبع ما يُقارب 460 بينما يتبعه 200 شخص.

وحسب موقع [http://www.tweetails.com] الذي يهتم بإحصائيات آخر ألف تغريدة، فـ للوضاحي 911 مشاركة في هاشتاق سلطان السعدي، و877 لكل من هاشتاقيّ  ”راشد المقبالي” و “إبراهيم الهدابي” كما هو واضح أدناه. (ومن الملاحظ أن كل مشاركاته في الهشتاقين الأخيرين تحتويان على هاشتاق السعدي كذلك)

وإذا ما قمنا باسترجاع تغريدات هذا الحساب عبر المواقع المُتخصصة
[كـ www.allmytweets.ne] فإننا سنجد أن مشاركته في تلك الهاشتاقات هي عبارة عن نشر تغريدات من قصيدة شكر وعرفان للشاعر ناصر بن راشد الغداني وقد أعاد ذات القصيدة 25 مرة خلال يومين (30-31 يوليو)!
وإذا ما استخدمنا موقع [http://www.tweetails.com] لمعرفة نشاطه في آخر ألف تغريدة له؛ فإننا نجد أن محمود خلال أيام الأسبوع كان أكثر نشاطاً خلال يوميّ الثلاثاء (590 تغريدة) والأربعاء (324) بشكلٍ عام ويُمكن القول بأن هذا عائد إلى أن ذيّنك اليومين يُوافقان تاريخا 30 و31 من يوليو، فيما كان حسابه خاملاً قبلها.

وحول نشاطه خلال ساعات اليوم الواحد فإن الحسني يكون في قمة نشاطه ما بين العاشرة صباحاً والواحدة ظهراً حيث غرّد بما مجموعه 206 تغريدة هذه الفترة، ولكن يمكن ملاحظة عدم توقفه عن التغريد بتاتاً.

- شريفة العلوي: @sharifa19866
ولشريفة كما هو واضح ألف وخمسمائة تغريدة تقريباً، وتتبع ذات العدد بالضبط فيما لديها في حدود ال700 مُتابع.

ونجد أن تغريداتها في الأغلب هي في هاشتاق “سلطان السعدي” ب927 تغريدة، ولديها بعض الكتابات في هاشتاقات ساخنة أخرى كـ”شباب الوعي” و “ذياب العامري” ولكن بمعدل أقل بكثير.

ونجد أن شريفة غردت في هاشتاق السعدي بخبر متعلق بيوم النهضة العُماني [4]  وأعادته ثماني مرات متتالية في الهاشتاق.

وحول نشاطها خلال أيام الأسبوع، فشريفة كمحمود نشطة في يوميّ الثلاثاء والأربعاء، وأما بخصوص الساعات فنلاحظ بعض الاختلاف حيث أنها كانت أكثر نشاطاً في العاشرة مساءً، دون أن يعني ذلك كسلها في أي وقت آخر.


وهذا الأمر يمكن سحبه تقريباً على باقي الحسابات التي “شطحت” في هاشتاق السعدي وغردت خارج السرب مع بعض الاختلافات الهامشية. ومن الواضح أن مجموعة الحسابات تلك شُكلت في مارس 2013م وتمت تجربتها بين الفينة والأخرى لضمان عملها بطريقة صحيحة ومؤثرة قبل أن تثبت فاعليتها حقاً الأيام الماضية.

مخرج/
من الملاحظ أن الأسلوب المُتبع في إغراق الهاشتاق هنا مشابه كثيراً لما اتُبع بالسعودية مع عدة فوارق بسيطة: ففي السعودية تم استخدام خدمة yoono كما يقول المحيا وفي عمان TweetAdder، وهناك تم استخدام صور أشخاص سعوديين في الحسابات الوهمية فيما لم يحدث هنا، وكذلك فإننا في عمان لم نجد محاولة جادة لإغراق الهاشتاق بوجهة نظر مضادة كما كان يحدث سابقاً معنا– وكما حدث بالسعودية- ولربما يعود هذا لاقتناع من يقف وراء هذه الحسابات الوهمية بعدم جدوى تلك المحاولات.
وفي الختام فإنه من الجيد القول أن إغراق الهاشتاقات لا يُقدم حلاً لأي مشكلة كما أن التغلب عليه ليس بالأمر الصعب أو المستحيل.

الهوامش:

2- يمكن تنزيل الورقة من هنا: http://osamh.me/blog/wp-content/uploads/2013/03/twitterstudy.pdf
3- للإطلاع على مزايا التطبيق: http://www.tweetadder.com
4- يمكن العثور على الخبر هنا:http://www.alraimedia.com/Article.aspx?id=452506&date=22072013
بدر العبري