السبت، 25 مايو 2013

محمد البادي / كابوس ينتهي بعفو السلطان قابوس



بِسْم الله اللَّذي خَلَقَ الانسانَ وتركَ لهُ حُريَّة الإختِيَار , وأَضحَ لهُ انَّ هذا خيرٌ و هذا شرْ يؤدِّي الى النَّار , والصّلاةِ والسّلام عَلى المُختار مُحمدٌ وعَلى صَحَابَتِهِ الأخْيار .. وبَعْد ..
كلما تسول لي نفسي بكتابة مثل هذا المقال امنعها بحجة انني " محرض تائب " ولكن وبدون انتباه وعدت صحفي لأحد الصحف المحلية انني سأتكلم له عن ذلك الكابوس , وقد ندمت لاحقا على هذا الوعد و لكـن وبعد ان فرغت ما في جعبتي من احداث ذلك الكابوس لذلك الصحفي اصبح الامر مكشوفا فلا بأس بظهوره فهذا الكابوس لن يؤثر في سمعة اية جهة فكل شيء واضح فلماذا التعتيم ؟؟!

وأود ان انوه انني لا اكتب هذا المقال من اجل صناعة البطولة او التظاهر بأني بطل ولكي ابرهن هذا سأخبركم انني في جهاز الامن فقدت اعصابي اكثر من مرة وخصوصا عندما تكلم ( مخلوق ) على والدتي .. بكيت اكثر من مرة مثل الاطفال .. بكيت عندما تكلموا على والدتي باسلوب قذر .. بكيت عندما اتصلت بالمنزل وعلمت اني والدي محبط جدا بسبب ما يقوله المجتمع بعد التشهير الاعلامي في وسائل الاعلام الحكومية ,.. بكيت عندما رأيت الاخوة في جهاز الامن يستقوون على من يطالب بحق شعب بأكمله بينما يتركون اللصوص الكبار يضاعفون ارصدتهم البنكية ...  انا لا استحق ان اكون مطالبا بالحقوق لا استحق كل الاهتمام الذي لاقيته من الناس .. لا استحق الامانة التي حملني اياها بعض المستضعفون في الارض ! انا مخرب ومحرض و مجرم و وضيع و استحق الاعدام بإختصار انا تافه فقط لانني قلت مرة ( يسقط الظلم ) ! انا جبان لانني قلت ( يسقط الاحتكار ) , اما لو طبلت وزمرت وهللت وكبرت وسبحت بحمد الحكومة وصليت ركعتين ولاء فبالتأكيد سأكون رمزا اعلاميا و رجلا صالح و ساكون شيخ ولو اني لا املك درهما ولا دينار , بين عشية وضحاها سيتضاعف المبلغ الموجود في حسابي البنكي و سأبتعث لتمثيل السلطنة وسأصبح سعادة و معالي وشيخ و سيد و محترم وفاضل ! سأربح كل شيء لو بعت مبدئي !! ولكـن هيهات !!

ذات ظهر ذهبت برفقة والدي لزيارة جدتي التي تسكن على بعد حوالي 10 كم عن بيتنا , لا اعلم ماذا اكلت في منزل جدتي فعندما رجعت الى المنزل بعد الظهيرة كان النعاس يتلاعب بي فاستسلمت له لأبد كابوس انتهى بعد عشرة  أشهر .. !

إتصال من احدهم برقم ثابت الى والدي تكلم بنبرة خشنة: " وينه محمد ؟؟ علامه مصكر جواله ؟؟ انا ابو فلان "...  والدي ولما كنا نتناول الشاي قال لي عن الأمر ففهمت انني قد افوز برحلة مدفوعة التكاليف الى احد المنتجعات ( السجون ) ولكنني لم ابين له , على الفور هزتني نشوة المقاومة والنصر التي كنت اشعر بها عندما اخبر الناس عبر صفحات الفيس بوك عن تجبر السلطة والفساد المنتشر بها , هي ايضا نفس النشوة التي تعتريني عندما اشارك في مظاهرات صحار , بدءت إتصالاتي !! واخيرا تكلمت مع احدهم من جهاز الامن وقال لي اريد ان اتكلم معك على انفراد .. عندها تأكدت ان تأشيرة السفر مجهزة للذهاب الى ذلك المنتجع اللعين .. كان ذلك يوم (14/6/2012) ..

عصرا التقيت بهـ " محمد ما رايك في فلان و فلان وفلان وهل تعتقد ان الحكومة محقة عندما سجنتهم ؟؟ " رديت " والله ما اعرف , بس اعتقد ان الحكومة المفروض ما تتصادم مع اصحاب الفكر بل يجب ان تتفاهم معهم لمصلحة الجميع " رد " انزين الجماعة يريدوك تزورهم لسويعات علشان يتفاهموا معك , ولا تخاف انا معك وبكون دائما معكـ " وأردف " متى تروح لهم ؟؟ " قلتله اريد شيء رسمي يثبت اني مستدعى للتحقيق , قال " اذا تريد شيء رسمي بيجوك البيت وبيعطوك الوثيقة وبيشلوك معهم .. وانت ما تريد تتبهذل الافضل تروح لهم بدون ضجة " ولا يهمكـ  " الساعة 8 سأكون في المركز ..

  
وصلت مركز شرطة صحار ...
" السلام عليكم .. محمد خاطر البادي .. اتصلتوا بي .. فجئت بناءا على رغبتكم .."
" تفضل جلس " متفاجئا " متأكد انك محمد خاطر ؟؟ "  يشوف شكلي صغير ووديع وأليف  " جيب بطاقتك الشخصية "
اعطيته البطاقة ..
قلت له ليش متفاجئ كأنك شايف حاجة غريبة ؟!!
" ادخل في هالغرفة "

دخلوا معي 3 افراد.. اخذوا ساعة يدي التي اشتريتها مؤخرا ووضعوا القيود على يدي وقيدوني على الخلف .. في تلك اللحظة لم اقاوم ولم أتوتر ... لأنني قرأت سابقا عن تصرف افراد الشرطة في مثل هذه الامور وكنت مستعد لجميع الاحتمالات بما فيها التعذيب الجسدي .!!

بعد أن هدأ الشباب وعندما تأكدت ان أي كلام مني لن يؤدي الى لطمي كف ادور به سبع دورات .. بدءت أسألهم عن الموضوع وكأني طفل بريء , فلما دخل علينا رجل مقنع يحمل رشاش في يده وينظر الي .!! سألته ..
" خير اش صاير ؟؟ .. "
" أي خير انت ما تعرف شو مساوي ؟؟ "
" والله ما اعرف شيء "
" اسكت ما جالسين نحقق معك انت امورك معقدة الحين ننتظر موكب من مسقط بيشلك " قاطعته " وين يشلني " " والله انا ما اعرف وين يشلوك .. بس اكيد صوب مسقط " في خاطري قلت اكيد (وراء الشمس ) هي الوجهة القادمة.. ساعتين بالتمام ووصل الموكب غطوا راسي بكيس اسود ركبت سيارة ما اعرف نوعها بس اعتقد انها سيارة النجدة مع سيارة مرافقة شفتها لاحقا ..

بعد 3 ساعات ( تقريبا منتصف الليل ) شالوا الكيس الاسود لأجد نفسي في أحضان جماعة طالبان باكستان ..! جثث في ازياء سوداء تتحرك , في غرفة صغيرة جدا .. مع فراش للنوم ..
طلب مني احد الملثمين او بالاحرى المقنعين التوقيع على قائمة بالامانات التي اخذت مني في مركز الشرطة .. لأبدء بعدها مرحلة المنتجع الاول التي استمرت 18 يوم ..  خلال تلك الفترة التحقيقات مستمرة معي بشكل يومي بواقع 3 جلسات في اليوم واحيانا تزيد وقد تقل ..

طبعا قبل  كنت مخطط اني سأضرب عن الطعام منذ اول لحظة ..فجأة احدهم يطرق الباب .. وقد كنت جالس بزاوية من الزنزانة اخطط للقادم . ينظر الي من فتحة صغيرة مخصص لذلك الغرض . ويصيح من خلف الباب .. "قوم اوقف" .." قبل وجهك صوب الجدار" .." باعد بين رجولك ".. "وارفع ايديك على الجدار" .. ( ما مشكلة قال قوم .. بنقوم .. وقبل وجهك صوب الجدار .. فهمنا انه ما يريد حد يشوفه .. بس يوم قال باعد بين رجولك وارفع ايديك على الجدار .. دخل الشك اللي في بالي وبالكم ..( جزء من النص مفقود ... )

دخل عليي ..
" محمد القوانين هنا تقول لما حد يدق الباب , اوقف ع الجدار وارفع يديك فوق وباعد بين رجولك وقبل صوب الجدار " " هذه اخر مرة اقولك هالكلام افهمه "..
" انزين "
" تريد عشاء ؟"
"هيه " !! صحيح كنت اريد اضرب عن الطعام ولكن في ذلك المكان تعلمت انه يجب ان تتأقلم على كل ما تواجهه , ( نصيحة لمن يواجه نفس هذا الموقف التعايش مع الموقف يفقد الطرف الاخر وسيلة ضغط اتجاهك , فأفضل حل هو التأقلم مع الضروف المحيطة بك ) قد يختلف معي البعض بخصوص هذه النقطة ويعتبر ذلك عدم تحمل للمسؤولية  و لكن ما ذنب جسدك ؟؟! هل تضرب جسدك لكي يتألم السجان ؟! بالطبع خيار الاضراب عن الطعام كان كأحد الحلول لدي ولكنه كان آخر حل كنت سألجئ إليه ..

قال " اشوفك مستانس في هالمكان كأنه عاجبنك ؟" " انت بعدك صغير وانت نفس اخوي نصيحة أي شيء عندك خبر الجماعة  علشان ما تطول والامور في الروب " عاد انا خفت يوم قال امورك في الروب .!!..
"انزين"

احضر وجبة العشاء ووضعها على ارضية الزنزانة بعدها خرج عني وانا ما زلت متجه بوجهي جهة الجدار ويداي الى الاعلى   ..

قال لي  "تعشى ومن تخلص دق الجرس الموجود بجنب الباب  .. " وجبة العشاء كانت وجبة راقية .. مشاوي , فواكه , خضار , ذرة .. ( علمت لاحقا ان هذه الوجبة هي نفس الوجبة التي يتناولها الافراد العاملون في ذلك المنتجع ..) أرادوا ان يكرمونا بالطعام الجميل ولكنهم نسوا ان الحرية لا تشترى بالذهب .! فما بالك بالطعام ؟!!

تناولت وجبة العشاء وقت الفجر و استدعيته بالجرس المزروع بالقرب من باب الزنزانة .. طرق هو الباب .. و بدءت بعمل الطقوس (اليدين فوق الوجه صوب الجدار ) دخل الزنزانة 3 افراد مقنعين طبعا ووضعوا الكيس على رأسي وقيدوني  وامسك بي احدهم من الاكتاف وبدء يرشدني الى مكان ( دورات المياه ) ...

بعد ان اغلقوا باب دورة المياه ..  نزعوا  الكيس وفك القيد وطلب مني الوضوء لصلاة الفجر .. ثم رجعنا  بنفس الطريقة الى الزنزانة صليت اول صلاة .. صلاة الفجر .. ثم بدءت اتفحص الزنزانة الصغيرة .. كتابات غريبة على الزنزانة ... بدءت اخطط كيف سأعيش في هذا المكان .. اعتقد في البداية ان الامر لن يتعدى الاسبوع .. فوضعت خططا لمدة اسبوع واحد فقط .. بعدها خلدت الى النوم .. وفجأة ..

" تزهوا بك الاعوام عاما بعد عام "
بدءت الحرب النفسية .. اغاني عبر مكبرات للصوت تتواصل 24 ساعة بدون توقف .. وعلى مر 18 يوم .. تتوقف لحظات قصيرة ثم تعود تلك الاغاني .. ميحد ... اغاني من التراث .. اغاني وطنية .. أصلي الصلاة وتختلط ايات سورة الفاتحة مع كلمات الاغنية .

المصابيح تعمل طوال الوقت لا تنطفئ ابدا ..
جلسات التحقيق تستمر احيانا حوالي 5 ساعات و بمعدل 3جلسات يوميا تقريبا .. محققين مؤدبين جدا جدا بعضهم .. اول جلسة كانت بعد 6 ساعات تقريبا او اكثر او اقل فهناك لا أعلم كم الساعة او ما هو الوقت .. فالمصابيح تضيء ذلك المكان ولا أستطيع التفريق بين الصباح او المساء الا بالتقدير حيث يخبروني بموعد الصلاة ..
في أول جلسة ...
" قول "
"ايش اقول ؟ "
" اقولك قول تكلم "
"انزين ايش اقول ؟"
"قول انت تعرف شو نريد , بس قول "
-في خاطري اقوله "قول ولا هدف ؟! "

بدءت اسرد قصة عن لعب كرة القدم لا لشيء فقط كي اجعل المحققين يغضبوا .!! حتى نبدء بصلب الموضوع ..
فعلا الخطة نجحت ..
قال احد المحققين الثلاثة " بذمتك تتغابى انت ولا شو ؟؟ احنا جايبينك هنا تتلكم عن كرة القدم ؟؟ انت ما تعرف شو مسوي ؟؟ " واستمر الحال من سؤال الى سؤال

قال لي احدهم مرة " قل انك تقصد السلطان وانك صممت صور تسيء اليه وانك لا تحب السلطان .. فقلت ما اراد .. وقلتله هذا بناءا على طلبك فقال " انا لا اريد ان اغصبك على قول أي شيء " قل ما انت تريد قوله " فانكرت كلامه " غضب وقال نحن ما بنغصبك على شيء كل شيء براحتك .. بس لما تعترف بتخرج من هالمكان ..  " بس يقول المثل العماني " ولا العصى ولا اشربي "
-         ألا يعتبر الحجز و منع الاهل من الزيارة اغتصابا للحقيقة ؟؟
-         الا يعد عدم تمكيني من الاتصال بمحامي اغتصابا للحقيقة ؟
-         الترهيب والترغيب كذلك وبقوة القانون يلغي كل اعتراف ..!

كانت تجربة رائعة مررت بها , فنحن درسنا القانون في كلية القانون بجامعة السلطان ودرست كيف يكون التعامل في مثل هذه المواقف وهنا اتحدى كل قانوني في عمان ان كان يؤمن بوجود القانون قليذهب الى الاجهزة الامنية ليرى كيف يطبق القانون وكيف يضرب به عرض الحائط .. أليست هذه اعابة لذات السلطان ؟؟ السلطان يضع القوانين والاجهزة الامنية هي اول من ينتهك هذه القوانين فهذا اعتبره عصيانا للسلطان ولو كنا في بلد ديموقراطي فإن هذا الامر لن يمر بسلام بل سيحاكم كل من شارك بعصيان قوانين السلطان .!!
>>>> 

استمر الحال في جهاز الامن الداخلي حوالي 18 يوم بعدها تمت احالتي للمحاكمة ..
حيث ذات يوم طرق احدهم باب الزنزانة .. حضروا ملابسي السابقة ( الدشداشة والكمة ) وقالوا : " إلبس " .. وضعوا الكيس على رأسي والقيود على يدي وركبت سيارة اعتقد انها نوع جي ام سي .. لأجد نفسي امام يدي القاضي ..!!

بعد 18 يوم من العزلة والضغط النفسي والترهيب والتهديد فجأة وبدون مقدمات اجد نفسي بين يدي القاضي بدون محامي وانا في تلك الحالة .. الجلسات سرية مغلقة ,.. يحضرها رجال من جهاز الامن .. لا اعرف المصير ماذا لو قلت كذا ؟ هل سأذهب الى نفس المكان ليتواصل ضدي الضغط ام سيتم الافراج عني ؟!! ام ماذا ..!!

هل هكذا هي العدالة .!؟ يحاربوننا نفسيا حتى ننهار ثم يضعوننا بين يدي القاضي , والقاضي يرفض تاجيل الجلسة .! وماذا سيقول المنهار ؟!
تكلم ممثل الادعاء العام ( الذي يجلس بطاولة مرتفعة كارتفاع طاولة القاضي ) وهذا يعد اخلالا بمبدأ المساواة بين الخصوم ..!! اغتصاب للقانون بكل ما تحمله الكلمة من معنى رأيت .. منذ اعتقال وحتى خروجي من السجن .. ! فعن أي دولة نتكلم ؟؟!! وماذا نترك ؟ وماذا نرثي ... ؟!
ممثل الادعاء العام وجه 3 تهم الي وهن تهمة ااعابة الذات السلطانية ... و المساس بالنظام العام .. اساءة استخدام تقنية المعلومات ..

ثم طلب مني القاضي الكلام .. ! في تلك اللحظة التي كنت منهارا تماما ..!
القاضي / ما رأيك فيما سمعت ؟؟
اجبته / بنكران التهم جملة وتفصيلا
القاضي / محمد امامي كتابات لك كتبها عبر الفيس بوك  ..
وبدء يسرد القاضي الكتابات وبدءت اشرح له القصد ..

قال مرة ( لماذا تكتب هذه الكتابات على الفيس بوك ؟ قلت لكي اصحح معلوماتي واستفيد من اصدقائي اذا كانت معلوماتي خاطئة ) قال ( لو كنتوا انت واصدقائك في الواقع بإمكانكم التناقش اما على مواقع التواصل الاف يتابعون ما تكتبون ) !!

يعني حلال بالسر وحرام بالعلن ؟!!

ثم اعترف القاضي بأن كتاباتي تعد نوعا ما مقبولة من نظره (ومن اوكل له مهمة تحديد مستوى حرية الكلمة ؟!!)
وقال هناك عبارة لا يمكنك التهرب منها وهي عبارة ( .... باعنا لبريطانيا) ..
قاطعت القاضي وقلت له ( من هو اللي باعنا ؟؟)
قال انت الكاتب ! قلت له و انا لم احدد من اللذي باعنا .. والشخص اللي نيته سليمة لن يضع أي ضمير لتلك الكلمتين ...

قال لي ولكن في جهاز الامن قلت انك تقصد السلطان .. تحت التهديد والترهيب والترغيب سأقول حتى والدي هو اللي باعنا .!!

قال وفي الادعاء قلت نفس الكلام .. طبعا سأقول نفس بعد توصية في جهاز الامن وبمرافقة افراد من جهاز الامن .. الادعاء وجهاز الامن وجهان لعملة واحدة .. والادلة كثيرة .. لا اخفيكم كنت لا ازال مؤمنا بالقضاء لانه مجال دراستي وكانت نيتي صافية تجاهه .. ولكن بعد ما رأيت من تصرف القضاء لا يسعني الا اناكتب قصيدة رثاء مدججة ببعض خيوط الامل بقضاء أجمل ..

كيف لا أرثي هذا القضاء والقاضي يتناول وجبة الغداء في اروقة المكتب السلطاني ثم يأتي المحكمة يطبق ما أُملي عليه ؟؟!! كيف لا ارثي هذا القضاء وجلسات المحاكمة سرية ولا يسمح بتواجد الا رجال الامن الداخلي ؟! كيف لا ارثي القضاء ومن - قيل – اننا اعبناه هو نفسه الرئيس الاعلى للقضاء ؟؟!
سيدي لمن تشتكي حبة القمح اذا كان القاضي دجاجة .؟!
ولمن تشتكي جونية السبوس اذا كان القاضي حمار ؟؟!

بعد أول جلسة من جلسات المحكمة اخذوني الى منتجع اخر . تختلف الاماكن ونظل في سجن الدنيا !  مركز الايواء بسمايل هو المنتجع الذي اخذوني اليه وبقيت فيه قرابة الاسبوعين أي خلال فترة المحاكمات والتي استمرت لثلاث جلسات نطق بعدها القاضي بالسجن سنة في تهمة اعابة السلطان و ستة اشهر بتهمة المساس بالنظام العام وغرامة 1000 ريال لإساءة استخدام تقنية المعلومات ... لا تعلمون مدى الحالة الهستيرية من الضحك التي اعترتنا بعد النطق بالحكم ..!! قال سنة قال هههه

مرحلة اخرى من التعسف الامني بدءت بنشر صورنا في وسائل الاعلام الرسمية كوننا مجرمين اعبنا السلطان .. تخيلوا معي صغية الخبر( حكمت المحكمة على فلان بن فلان بن فلان وهو طالب حقوق بجامعة السلطان قابوس .. و فلان وهو مهندس وفلان وهو شاعر وفلان وهو معلم !!! ) مهندس يعيب و معلم و شاعر و اعلامي ! لا بد ان في الامر سرا فالخبر متضارب مع نفسه .! وتخيلوا معي الخبر الذي نشرته قناة الجزيرة الاخبارية بقولها حكمت محكمة عمانية على حوالي 30 متهم بإعابة الذات السلطانية !! 30 يعيبوا السلطان ! ... ولكم حرية الفهم .!

بعد الحكم بثلاثة ايام خرجت من منتجع الايواء بسمايل بواسطة كفالة قدرها القاضي وقيمتها الف ريال عماني ..  كنت متاكدا ان محكمة الاستئناف لن تكون افضل من المحكمة الابتدائية وكان موقفي ( ما اريد اخرج كفالة , بكمل السنة , وما بدفع لهم حتى بيسة وحده , وما بحط محامي لان النتيجة معروفة ) اغلب رفقاء الاصلاح نصحوني بالخروج كفالة خصوصا ان شهر رمضان كان سيبدء بعد 3 ليال من ليلة النطق بالحكم .. حتى ان بعضهم اراد دفع مبلغ الكفالة والغرامة , عدد من الاصدقاء ايضا من خارج السجن تواصلوا معي وكانوا مستعدين لدفع المبلغ لانهم كانوا يعتقدوا انني رافض الخروج بسبب المبلغ .. عموما ومنذ اليوم التالي ليوم نطق الحكم ( الاربعاء ) بدء الاهل اجراءات الافراج عني ولكن صادف يومي اجازة الخميس والجمعة لذلك خرجت بعد ثلاث ايام من النطق بالحكم وهو يصادف يوم 1 رمضان ! بدءت الصيام في منتجع الايواء بسمائل وافطرت في احد المطاعم اثناء عودتي للمنزل .. عدت للمنزل بعد 38 يوما من الاغتراب في وطني .!

ويستمر الكابوسـ .. اكتفي بهذا القدر حالا وسأسرد بقيت الكابوس التي كانت احداثه تدور في منتجع آخر في المقال القادم ان شاء الله .. سيكون المقال القادم اغلبه سرد لقصص واقعية غريبة عايشتها في سجن سمايل المركزي وقد دونتها في مذكرات خاصة ...

-         لكل حر عربي كتبت هذا المقال فأي شخص عرضة لنفس التجربة .. أي شخص , المهندس والدكتور والكاتب و العاطل .. الكل دون استثناء .. هذه هي السياسة هنا .. في هذه الارض الطيبة ...