الأربعاء، 27 فبراير 2013

مقالة رائعة .. للشاعرة .. رشا أحمد / بعنوان .. سافو أسطورة الشعر./ الرؤية



سافو أسطورة الشعر






رشا أحمد  -
على الرغم من أنها ليست سوى أنفاس
فإن الكلمات التي تصدر عني أبدية...
سافو.. أول شاعرة عرفها التاريخ الإنساني.. لم يعرف قبلها ولم تلحق بها شاعرة إلا بعد وفاتها بمئات السنين.. لتظل سافو أول رائدة للأدب النسائي ..
وسافو هي شاعرة يونانية عاشت منذ ألفين وخمسمائة عام على وجه التقريب.. ولدت بجزيرة لسبوس اليونانية.. فكانت أشهر امرأة باليونان، وكانت أشعارها تدور على كل الألسنة وكان سقراط يسميها سافو الجميلة.. وقد تعرضت الشاعرة سافو للنفى من جزيرة ليسبوس إلى مدينة سيراكوز في جزيرة صقلية، إبّان حكم الطاغية مرزيلوس وقد تحملت عذاب البعد والنفي، قبل أن تعود إلى وطنها.
لم يمنعها اهتمامها بعاطفة الحب وما يدور حولها من مشاعر وأحاسيس من أن تكون صاحبة رأي وأن تشارك في الحياة مشاركة جدية وإيجابية، ولذلك ضربت سافو مثلا تاريخيًا مبكرا للشاعر الذي يرفض أن يسجن نفسه في مشاعره الخاصة وعواطفه الذاتية، وأن يعيش في عزلة عمّا يدور حوله من أحداث وما يعانيه العامة من مشاكل وهموم .
تميز شعر سافو بالبساطة والسيطرة الحذرة على العروض والاستعمال المكثف للصفات والغيابية منقطعة النظير، كما أنّ لسافو مقطوعات باسمها وهو ما نسميه الآن الرباعيات إذ تتكون من ثلاثة أبيات طويلة وواحد قصير وهو الشكل الذي أخذه عنها شعراء كثيرون. وحول شهرة سافو نذكر أن شاعراً وصل الأمر به إلى القول: " إنّى أحضر لك عسلاً جنيته من أغاني سافو". وهناك حكاية تقول أنّ المشرع اليونانى العظيم سولون تمنى أن يحفظ أشعار سافو قبل أن يموت، ويقول ول ديورانت في كتابه " قصة الحضارة"  إنّ الأقدمين إذا ذكروا لفظ الشاعر فإنّهم يعنون هوميروس كذلك لفظ الشاعرة، يُعني به .
امتلأ شعر سافو بالعاطفة الحارة ومن شعرها هذا انطلقت حولها الشائعات الخبيثة بأنّها كانت على علاقة تشوبها الريبة مع فتيات مدرستها التي أسستها لتعليم الفتيات فنون الشعر والموسيقى. لكن الباحثين المعتدلين يرون رأيا آخر. فقد كانت سافو محبة لتلميذاتها وفية لهن، فقد كانت شاعرة تهب نفسها للحب والجمال، وكان الحب هو محورها الخالد، وكانت أشعارها خارقة في التعبير من عمق الألفة والمحبة. ولذا فقد استطاع الشعر أن يحفر اسمها على مر الزمان رغم أنّ الكثير من شعرها ضاع ولم يبق منه إلا القليل ومع ذلك القليل فقد جعل منها أعظم شاعرة عاطفة في تاريخ الأدب العالمي، وألفت سافو تسعة دوايين لم يبق منها إلا آنف الذكر .
ورغم ذلك شاءت الأقدار أن تكتشف هذه الأشعار عندما اكتشف الباحثون عددا من قصائد سافو في مجموعة من التوابيت لتعيد الحضارة المصرية تقديم هذه الشاعرة اليونانية ولترفد البرديات المصرية التراث الإنساني والأدبي بالكنوز.
"إذا كانت تهرب منك الآن
ستجري خلفك فيما بعد
وإن كانت ترفض هداياك
فستمنحك الهدايا عمّا قريب
وإذا كانت لا تحبك
فإنّها سوف تخضع لسلطان الحب"
وتقول سافو في إحدى الشذرات، وهي تخاطب حبيبها:
 "إذا نسيتني.. تذكر هدايانا إلى أفروديت، وكل المتع الجميلة، التي تقاسمناها معا"
إنّ سافو لم تكن متكبرة في حزنها، أو في إحساسها بذاتها، ولم تكن تتصور أن مجدها يمكن أن يصل يوماً إلى السماء. وقد جسدت ذلك في شعرها حين تقول:
"لست أحسب أنني سألمس السماء بيدي
سوف يذكرنا بعض الناس
كما يبدو لي في زمن متأخر".

rasha.4476@yahoo.com
*شاعرة