الأربعاء، 20 فبراير 2013

الرائع / بدر العبري


  • رأيتُ رجالا
    عندما طلب مني الأخوة من أهالي المعتقلين تفضلا منهم مشاركتهم في قضيتهم المشروعة في مجلس الشورى الثلاثاء المنصرم رأيتُ رجالا بحق، ورأيتُ نساء الواحدة منهن عن ألف رجل ...
    تقول واحدةٌ منهن: والله لو أصيب واحد منهم بأي أذى في جوارحه بسبب الإضراب لن تجدوني أنا وأولادي في البيت، بل سنكون هنا عند مجلس الشورى نحن وأولادنا ...
    كلمات نسائية جعلت الجميع يضطرب، رأيتُ أعضاء مجلس الشورى بما فيهم الرئيس أصابهم الذهول والاضطراب، بل أصابنا نحن جميعا، فلا ندري حينها أين نحن؟ رجعت بي الذكريات إلى أم عمارة وهي تنادي في دفاعها عن النبي عليه السلام، وذكرتني بالبلجاء وبذلها لأبي بلال مرداس وأصحابه، وذكرتني بزينب أخت الحسين في كربلاء وخطبها الشهيرة.
    بل رأيت رجالا وإن كانوا صغار السن، يحملون همّ أمة، وراية وطن، بل عجبا أنهم يفقهون التعامل في أبجديات القانون الإنساني، ويتحدثون بكل طلاقة وثقة بالذات.
    رجعت لواقعي حينها، وتذكرت الماضي المنصرم، عندما تصورت أننا نحن المتدينين من يحمل هذا الهم والواقع ...
    نظرت من أمامي وخلفي لا أرى المتدينين رأسا؟ أين هم؟
    لقد شُغِلَ هؤلاء بالصراع الطائفي والمذهبيات المقيتة، والآن بالعقلانية واللبرالية والعلمانية، وبشكليات نحن أولى أن نتجاوزها الآن؟
    استحضرت المحاضرات التي تلقى يوميا ... فهلا سمعت أذني عن المحاضرات التي تعمق الأبعاد الحقوقية، والثقافة المدنية، وحريات الإنسان، والقسط والشهادة والعدالة!!!
    لقد أخرجت الكتاتيب الدينية شبابا لايدركون من الواقع إلا لماما، ويتصورون أنهم أصحاب الحق المطلق، وغيرهم في ضلالة وفسوق وعصيان، إلا من كسر الحاجز، وانطلق لقراءة الواقع ...
    تذكرت حينها مقولة: الدين أفيون الشعوب، ولكن استدركت وقلت: استغفر الله، نعم ما يصنعه البشر من دين يفني الشعوب، أما ما حفظه الله من دين في كتابه فهو حرية وانطلاقة للشعوب ....
    رأيت عند هؤلاء السني والإباضي والشيعي والعلماني والحداثي في كرسي واحد أمام قضيتهم، وكأنما خلقهم الله جسدا واحدا، بينما المدرسة الدينية التقليدية عجزت عن حوار مع من يخالفها في أبسط أبجديات الخلاف، فكيف تستطيع أن تخرج إلى غيرها وتجلس معهم في هم أمة ووطن.
    أدركت اليوم أننا بحاجة إلى تصحيح، وعودة قرآنية، ولا يجوز أن يشغل الناس بخلافات طائفية، وقضايا هامشية باسم الدين، والعالم ينطلق إلى الأمام أسرع من الريح!!!
    نعم لقد رأيتُ في بلدي رجالا، وأنا فخور بهم، وإن كنت أكبر من العديد منهم سنا، ولكني تعلمت منهم دروسا لم أتعلمها في الكتاتيب الدينية، ولا المدارس الرسمية.