الثلاثاء، 26 فبراير 2013

مقال رائع للناشط خلفان البدواوي/ صحيفة الوطن الجزائرية..بعنوان / صلاحيات مجلس الشورى العماني بين الحقيقة والخيال


الرئيسية | الوطن العربي | صلاحيات مجلس الشورى العماني بين الحقيقة والخيال


image
خلفان عيسى البدواوي *

المجالس الشعبية إلى جانب مؤسسات المجتمع المدني وجماعات الضغط الشعبي هي التي تعتبر النافذة الرسمية للشعب للتواجد في الحياة السياسية لدى أي دولة متقدمة, والدول المتقدمة هي الدول التي بها نسبة الحريات والمشاركة السياسية للشعوب عالية وبذلك يتمكن الشعب بنفسه من مراقبة ثرواته ومقدراته وتشريع قوانينه وتحديد إستراتيجيته للمستقبل.
وخلافا لما ذكر بالأعلى فإن المجلس الشعبي له دور كبير في تحديد تقدم الدولة من عدمها, وأيضا دور دقيق جدا في الحد من تسلط سلطة واحدة بجميع مفاصل الدولة بكل أركانها وسلطاتها, فتجد من الطبيعي جدا في دول العالم الثالث كحال بلدنا أن تقوم السلطة بإختراق جسده, وتفصيل صلاحياته حسب ما يريدون بدون الإضرار بأي مصلحة خاصة لهم. فتأتي السلطة العليا وتقول لشعوبها أن هذا المجلس هو مجلسكم بدون التدخل في أي قرار إستراتيجي يخص الوطن أو بدون مراقبة أهم مفاصل الدولة, ويتم غسل أدمغة الشعوب النامية أن هذه النوعية من المجالس هي التي توفر الأمن والأمان وهي تمثل المثل العليا للديمقراطية والتي لن تشاهدون لها مثيل في أي دولة بالعالم أجمع.
مجلس الشورى العماني فتح نوره للحياة السياسية العمانية كمجلس إستشاري معين بالكامل وبعد سنين طويلة ومطالبات شعبية تم منح الشعب مجلس شورى منتخب بالكامل على أساس إنتخابي مقسم حسب الولايات وعدد سكانها لتوزيع التمثيل السكاني بشكل عادل في المجلس ولكنه كان معدوما في صلاحياته, فأقصى ما يملكه كان رفع رسالة توصية لموضوع يخص البلديات أو التنمية المحلية. وبعد أحداث الربيع العماني بشهر فبراير 2011 والمطالبات الشعبية بمنح مجلس الشورى صلاحيات تشريعية ورقابية كاملة, أتت الصلاحيات فقيرة نسبيا وعلى عكس ما طالب به الأغلبية من الشعب, ولكنها أفضل عن الوضع السابق من حيث القدرة على مسائلة الوزارات المسماة بالخدمية في مشاريعها وخططها التنموية بدون التدخل في سياستها الإستراتيجية.
لا يختلف عاقلان أن الصلاحيات الجديدة الممنوحة لمجلس الشورى لا ترقى إلى تطلعات الشعب العماني بأجياله الجديدة وكأنها مولود مشوه,
"فأتى الشورى رغم صلاحياته، إلا أنه كالمولود المشوّه، إن أراد المشي لم يستطع لعوجٍ خلقي في إحدى ساقية! وإن أراد أن يُشير بيديه ويقبض ويكتب لم يستطع، لعدم استقامة الذراع وخلل في عدد الأصابع، وإن أراد أن ينطق، أتى الصوت مموّجا باختلاف واضطراب واستحياء وألم، فلا تفقه حرفا ولا تنال علما ولا تصل لحقيقة! فيكتم الحزن وويعترض على الظلم،في قلبه كأضعف الإيمان!" من مقالة للمدون والكاتب نبهان الحنشي.
وقد تربط السلطة عبر إعلامها الموجه أن الصلاحيات الممنوحة هي تدريجية بالسنين ومرتبطة على حسب ثقافة الإنتخاب, وهنا جدير بالذكر أن الصلاحيات هي التي توفر هذه الضمانات من حيث أن الشعب يعي أن صلاحية الشورى تمكنه من مسائلة جميع الوزارات وسن التشريعات والقوانين ومراقبة المال العام وبالتالي سيضطر الشعب إلى إنتخاب العضو الصحيح بنسبة 65% وهي أكثر من كافية, ومع ثورات الربيع العربي المباركة والتي ساهمت إلى حد كبير في تكوين الفكر السياسي والثقافي لدى جل الأجيال الحالية والقادمة وهذا سيساهم فعليا في وضع الأطر الصحية للإنتخابات بعيدا عن أي خلفية عائلية أو قبلية أو مذهبية أو مالية.
"الشورى صوت الشعب ورأيه وطريقه وعينه وأذنه.. وقوّته من قوّة الشعب، وأهميته من أهمية الشعب" نبهان الحنشي, 
فلنتمسك بقوتنا الشعبية الوحيدة وندافع عنها ونصححها فمجلس الشورى هو ملكية خاصة مسجلة بإسم الشعب العماني, وهو يمثل الصورة المعبرة عن حالة الديمقراطية الحقيقية التي وصل إليها الوطن, وهذا ما يدفعنا دوما لإنتزاع المزيد من الصلاحيات الحقيقية لهذا المجلس وبالتالي سيوفر ضمانة حقيقية للوطن بمشاركة الشعب في كل ما يخصه والتفكير في الإنتاج العلمي والصناعي ودفع عجلة التعليم وفتح الوطن للدخول في مستقبل واعد..