منذ منذ 4 ساعات عبر الهاتف المحمول ·
لقاء سريع جمعني اليوم ب سعادة الدكتور طالب المعمري
وجهت له سؤال سريع ماذا حدث في قضية معتقلي الراي ؟
اجاب الدكتور اجابة سريعة مقتضبه: تحدثت وتعرضت للتهديد..غابة مصيليح
كان يا مكان في قديم الزمان.. كانت هنالك غابة تسمى غابة “مصيليح “، والحقيقة أنها لم تكن قبل سنوات بعيدة سوى غابة قاحلة، هاجرت منها الحيوانات إلى غابات مجاورة بحثا عن الرزق إذ لم يكن لديها خيارات كثيرة. تركت ذويها وصغارها في غابة “مصيليح” وتجشمت عناء السفر، وبعد سنوات مضنية جاءت الأخبار السعيدة بأنّ بئرا تفجرت بالماء في الغابة، وتطايرت الأخبار إلى الغابات المجاورة، فشدت الحيوانات رحالها لتبدأ حياة أفضل.
عاد للحياة رونقها بفضل النبع، وخرج الماء فارتوت الأشجار وكبرت. عادت الطيور إلى أعشاشها، وفي زمن قياسي أصبحت غابة “مصيليح” تنافس أهم الغابات. ربما يتساءل البعض عن سبب تسمية الغابة بهذا الاسم، والحقيقة أنها اكتسبت هذا الاسم عندما خرج الثعلب “مصيليح”، وتحدث إلى الحيوانات بأن النبع يستفيد منه الجميع بالتساوي، وهذا غير عادل.. ينبغي أن تكون هنالك نسبة وتناسب، فنصيب الأسد لا ينبغي أن يكون كنصيب الأرنب أو الفأر.. لم يلق كلامه إعجاب الحيوانات الصغيرة، ولكنه راق للحيوانات الكبيرة فأعجبت بحكمته وآثرت العمل به.
بعد فترة قال الثعلب: “القنوات الأساسية التي يمر عبرها نبع غابتنا من غير المعقول أن تُشرف عليه حيوانات ضعيفة الحيلة كالسناجب أو القنافذ”، وأضاف قائلا: “أنا أرى ضرورة أن تشرف عليها حيوانات قوية”. ثم اقترح الذئاب والثعالب لقوتها وشراستها إذا ما تعدى أحد على النبع.
ومجددا نالت الفكرة استحسان الحيوانات الكبيرة، فيما فضلت الحيوانات الصغيرة الصمت. لكنها لم تظن أن صمتها سيطول طويلا، وأن الثعلب الماكر سيظل يُقطر خير النبع عليها، وأكثر من ذلك، فقد قام بتعاقدات غير مشروعة لبيع خيرات نبع الماء لغابات مجاورة، فيما كانت الحيوانات في أمس الحاجة إليه. مر الوقت، وتغير الأمر.. فبعد أن كان الماء يصل وافرا إلى كل حيوان من أكبرها وأضخمها إلى أصغرها وأضعفها كل حسب حاجته، وكل جزاء العمل الذي يسديه لخدمة الغابة.. باتت الذئاب والثعالب تهب الماء بالقطارة، بل إنّ أحدها لم يتوانَ عن خلط بوله بالماء حتى أنّ الحيوانات كادت تدخل في حالات تسمم لم تشهدها الغابة من قبل، ولولا أنّ أحد الحيوانات المستضعفة ممن يتمتع بحاسة شم قوية اكتشف الحيلة القذرة، لكان صغار الحيوانات في خبر كان الآن..
وعندما كانت الحيوانات تذهب إلى الأسد لتحتج وتطالب بحقها العادل من الماء كما كان عليه الأمر سابقا، كان “مصيليح” يقفز من مكانه قائلا: “الماء يذهب في مشاريع ستعود بالنفع مستقبلا على الغابة”. فضلت النعام أن تدس رؤوسها في التراب، كما فضلت الضفادع البرمائية أن تكتفي بصفة واحدة وأن تكون برية، ترضى بالقليل مما يصل لجوفها.
لكن الأحصنة رفضت الوضع، وقررت ألا تسكت، فخيرات النبع يجب أن تُقسم بشكل عادل على الجميع كل حسب تعبه. غضب “مصيليح” وقرر إحالتها لحكم النمر لكي ينظر في أمرها.
هنالك من شطح كما فعل البوم، وقال نريد إسقاط الأتاوات التي ندفعها لقاء المبيت في أعشاشنا، وثمة غزالة فرّت مع صغارها إلى غابة مجاورة، وما هي إلا أيام حتى قبض عليها لإفشائها أسرار الغابة في الخارج. فيما كانت الصراصير الثرثارة تصفق للثعالب والذئاب حينا، وللأحصنة حينا آخر، حتى بات أحدنا لا يعلم في صف من هي؟ فالتبس الأمر على الجماهير المتفرجة.
الغريب أنّ العقاب لم يكن من جنس واحد على من رفعوا أصواتهم، والأدهى أنّ “مصيليح” رفض أن يترافع ابن آوى عن الأحصنة، كما تباطأ النمر في إصدار حكمه النهائي، فأضربت الأحصنة عن شرب الماء وعن تناول العلف، فتدهورت صحتها.
لن تستطيع الحيوانات أن تنكر أنّ نصيبها من الماء -بعد أن فُتحت الأعين- بدأ يزيد، ولن تستطيع أن تنكر أن الكثير من الحذر أصاب الثعالب والذئاب، فبدأت تحسب ألف حساب للحيوانات الضعيفة قبل أن تتصرف بالماء، رغم ما أحدثته الصراصير من ضجيج أساء لفكرة الأحصنة النبيلة، لكن الجماهير العريضة من الحيوانات قالت في نفسها: “قليل من الماء أفضل من الموت”، فيما تساءل بعض آخر: “هل الامتناع عن أكل العلف.. حلال أم حرام؟
هدى حمد