الأحد، 13 يناير 2013

خميس قلم / إرادة الأرض

إرادة الأرض

ظلّت ترفض كلّ شابّ يعرض عليها عضوه، ( أعتذر عن المباشرة، سأستخدم لغة أكثر مجازاً وتهذيباً)، ظلّت ترفض كلّ شاب يتقدم لخطبتها، فقلبها متعلّق بذكرى بعيدة، لحبيب بعيد، وهي لم تكن لتخون حبّه الفيّاض الذي لم يعد يفيض، هو فقط حبّها، الحضن الدافئ.. هو .. مطرُ القبلات.. مُدلّلها، و دليلها إلى كلّ شيء.. " ماذا فعلتُ حتى يتركني و يذهب ؟" تركها أثناء مظاهرة عن حقوق المرأة .. لأول مرّة تشارك في مظاهرة.. أفلت يدها و هرب، هرب في الأرض، وهي منذ تلك الحادثة تتتبّعُ المظاهرات وتخالط المتظاهرين باحثةً عن يده.
سنوات من تخلّيه عنها و حواسّها ما زالت متشبثةً بوهم وجوده معها.. كلّ ليلة.. تكبر.. تحكي له قصصها الناعسة عن صويحباتها: ما أفرحها و أغضبها منهنّ.. كلّ ليلة.. يبتسم.. يقبلّها .. يضمّها هامساً: لا تكبري.
لم تفهم لماذا تركها.. و لا تريد أن تفهم.
نضارة شخصيتها تسببت لها باجتذاب معجبين من زملاء الكليّة.. كليّة الحقوق. اختارت دراسة القانون لأنّ حبيبها الذي غادرها كان يردد دائماً: " العدالة عمياء، و القانون عصاها ". غادرها، و الأرض أعطتها بدلاً عنه محبين كُثر، كلٌّ يعرض خدماته: مشاريعه المستقبليّة.. عائلته.. شعره.. هداياه.. قناعاته بحقوق المرأة.. حبّه.
قلبها مملوءٌ بحسرة ِ فراقه.. على حين غرّة هجرها.. لم تفهم لماذا.. ولا يهمّها أن تفهم.. يهمّها أن يكون معها اليوم حين ترتدي قبّعة التخرج.. وحولها محبوها.. يبكون فرحاً.. وهي ملتاعةً تبكي: " أيتها الأرض خذي كلّ هؤلاء المحبين، و أعيدي لي أبي"


خميس قلم