الجمعة، 1 فبراير 2013

أبو سعد الأغبري / عطفا على قراءة د. سيف الهادي للمحضر



رغم الضجيج الذي أحدثه محضر اجتماعنا مع سماحة الشيخ، وردود الأفعال المتباينة بين مؤيد ومعترض، ومعترض رفيق ومعترض أرعن، وانكشاف حقيقة بعض الشباب الملتزم الذي لم يؤثر مظهر الالتزام في ضبط نفسيته المضطربة والتي تنعكس في أخلاقيات ردود أفعاله في ردود المحضر، سواءا كانت مباشرة أم من وراء الظهر، إلا أنني أحمد الله تبارك وتعالى على هذا الالتفاتة الجيّدة من قبل أتباع المؤسسة الدينيّة التي سوف توجههم عما قريب بإذن الله نحو الاهتمام بالقضية الوطنية العامة بشكل مكثف والتي أشغلت الرأي العام لمدة طويلة، وباتت تؤرق شباب الوعي وتشغل اهتمامهم، وخير مثال أن يلتفت د.سيف الهادي وهو الشخصية الإعلامية الدعويّة الأشهر في الساحة العمانية، وذلك بعد هدوء أعلاميّ طويل، وهذا إن دلّّ على شيء فإنما يدل على وجود فرص حقيقية غير مستغلة لإرسال ضربات نقديّة الى قلب الفساد الذي طالما يتعذر عنه البعض بقولة الإمام أبي عبيدة: "يا أبا الوزير إنما يتكلم الرجل بقدر ويسكت إلى أجل"، ولا أريد الرجوع الى عهد الإمام لبيان الفوارق السياسيّة والأمنية والتكنولوجيّة التي تباعد بيننا وبين ذلك الزمان بعد المشرقين والمغربين، وبعيدا عن تحليل الجو المشحون المحيط بدوافع الكتابة في ردة الفعل على المحضر، والذي برزت إندفاعاته من أول سطر الذي وضع فيه المقال بمن اجتمع بسماحة الشيخ أنهم بحاجة الى تعلم الحذر والحكمة، مع أن الحضور كانوا سبعة أشخاص، وكاتب المحضر قد يكون شخص واحد كتبه دون أن يطلع عليه باقي المجتمعين، ولذلك كان ينبغي لكاتب المقال قبل هذه الخطوة إن أراد النصح والإصلاح أن يبادرأولاً في لقاء واحد منهم وهو من أبناء جلدته ووطنه، ويستوضح ويقدم نصحه وملاحظاته، وإن لم يجد التجاوب عندها فليفعل ما يراه مناسبا للذود عن حياض سماحة الشيخ، فأنا وحتى كتابة هذا الرد وبالرغم من أنني على ظهراني الكثير ممن ساء خلقه في الرد إلا أن واحدا منهم لم يملك الجرأة والشجاعة في أن يبادر بالاتصال والجلوس على بساط أحمدي للتناصح والتواصي، فإذا كان لا يستطيع أن يكسر حاجز الترفع على مسلم موحد منه وفيه ويجلس معه ويحاوره فكيف له أن ينجح في مقتضيات تحقيق الرسالة السماوية على هذه الأرض .
وفي الحقيقة أننا لم نطير فرحا، فالذي يحمل همومنا ليس له أن يفرح وإخوان لنا قابعون في السجن هم أشراف الوطن وخيرة الشباب، فالخطب أكبر من هذه الفكرة الضحلة وهذا الظن السيء، ومقتضيا الاصلاح أكبر من أن ننشغل بمثل هذا الشعور السخيف، فمسألة الوطن وهمومه تحدياته جديرة بأن تحتل كل أوقاتنا.
ولم نكن نعلم بأن الشيخ أحاط بكل شئ نعلمه، فصحيح بأنّ الشيخ عالم قد دوت سمعته الطيّّبة في العالم الإسلاميّ، ولكن تجري عليه خصائص البشر، أما أن يُرفع الشيخ الى مقام الإحاطة بكل ما يعلمه البشر فهذه مسألة أدعو السادة القراء بتشخيصها والانتباه إليها .
كان اجتماعنا بالشيخ اجتماعا رسميّا حُدد له مسبقاً وتم الإعلان بموعده عبر الفيسبوك، وقد أخذ طابعه الرسمي، وكان المتابعون في ترقب لمخرجات الاجتماع، أي أنّ الموضوع ليس كان سراً حتى يتهم أحد بإفشاء السر، وهل هناك سرُ عند سماحة الشيخ يخاف الكاتب أن نكشفه، فإذا كان هذا الكلام الذي أصبح يجول في عمان قاطبة وفي كل مكان يجب أن يكون سراً فنحن نعتذر عن إفشاء هذا السر، وأنا لا أعلم من أين أتى الكاتب بوجوب الاستئذان عن التصريح بحقيقة معينة حاصلة، فسماحة الشيخ حفظه الله نفسه كان يذكر الموقف الذي حصل في اجتماعه مع الشيخ ابن باز ويسشتهد به في كثير من المحاضرات وهذا حقه الشرعي، وحقنا أيضا أن نذكر ما دار من حوار مع الشيخ دون افتراء ولا كذب، فلماذا لن يسيل قلم الكاتب على مسألة تشهير شباب الوعي وفضحهم عبر التلفزيون الذي يبث هذا الخبر من بعد أمتار من مكتبه وهم أبرياء، وهب أنهم مخطؤون أهكذا يعاملون؟ أهم أشد جرما أم الذي يتاجر بحلوى يقتل بها فلذات أكبادنا دون أن نرى أي موقف من التلفزيون؟ لا نقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل .
ومع العلم أن المجموعة هذه بادرت في اجتماعات كثيرة مع العديد من المسؤلين وكان عقب كل اجتماع ينشر محضر لهم، ولم يأتي أحد ونبس ببنت شفه في نبذ هذا السلوك وتشنيعه، فلماذا ينبري قلم الكاتب بهذه اللهجة الغاضبة في هذة المرة؟
يبدو أن الدفاع ليس عن الفكرة والمبدأ بمقدار الدفاع عن الأشخاص.
ونحن نعلم بأن الشيخ رجل لم يتربع على هذا المكان العلمي عن سذاجة - حاشاه عن ذلك - وإنما عن عقلية ذكية وحذقة ونبيهة، وليس بمـثلي أن أصف الشيخ بهذا الوصف، ولكن الشيخ في النهاية إنسان ويعتريه ما يعتري الناس، أم إذا كان الشيخ له منزلة فوق البشر فلنُخبر بها حتى نتعامل وفق ذلك، و من خلال حديثه فعلا تبين أن الشيخ كان مصدقا كل ما قيل عنا من إفتراءات وهذا أمر لا يقلل من قدر الشيخ ومكانته، أما ربط الموقف بهذه الآية [ومِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ] ، فلا أعتقد أن الكاتب وُفّق في الربط .
ولا يخفى على منصف الجهود المضنية التي بذلها الشيخ في مسيرة الإصلاح، إلا أن دفعه لها لا يعني أن كما ادعى الكاتب وإنما من وجهة نظرنا بأنه بحاجة الى دفعة أقوى متكافئة مع رغبات الشارع العماني وتطلعاته وهذا ما صرح به الشيخ نفسه، ولم نأت بشيء من فراغ، فالنقاش في حلقه مفرغة لا يجدي شيئا وأنا شخصيّا غير مستعد لإهدار وقتي في الردود على مسائل عرضيّة، وأنشغل عن قضايا أكبر وأهم، وأنسى إخواني المعتقلين وأسرهم التي لا يذوقون طعم الراحة، وأترك المستفيدين من الفساد في هذا الوطن يستمتعون بهذا الانشغال والجدال والفرقة، من أجل إقناع هذا وذاك، فلماذا تهدر هذه الطاقات العلمية الضخمة من أجل الرد على هذا وذاك ونترك القضية الأم في إهمال، لم يكن قصدنا من المحضر استفزاز أحد بقدر الإشارة الى التحرك للإصلاح العاجل والملح، كان حري بالدكتور سيف الذي لا يختلف معنا على حد تعبيره عن وجود الفساد أن يحرك هذا القلم عليه، أين هو قبل هذا المحضر الآن قال إنه يجد فسادا، فمنظرنا بهذا الشكل لا يفرح الا الفساد وأهله ولا يغني من الحق شيئا، فعليه نحن ندعو كل من يحرص على الإصلاح أن نتلاقي في نقاط مشتركة نتعاون فيها، فإن كان لا يعجبه أسلوبنا فهناك مساحة وسط تتسع للجميع .