الجمعة، 14 ديسمبر 2012

قراءة جانبية لشأن “عماني” مخيب! / من مدونة .. فضاءااات





لا بأس أن يتداول الإعلام خبر سرقة أراضي البلد لفترة من الوقت، وأن يتم تجييش الرأي العام في الموضوع لفترة من الزمن، ثم يختفي الموضوع دون ان نعلم مصير السرقة وهوية السارق!!

لا بأس أن تظهر عليك هيئة الرقابة الإدارية والمالية بتقارير تتعلق باختلاسات مالية وتجاوزات وظيفية مخيفة ومريعة في حق الوطن والمواطن والقانون، ثم ينسحب كل شيء ولا نعلم بعدها عن الاختلاس والتجاوز ولا عن المختلس والمتجاوز ولا عن سير العدالة والقانون في الأمر!!!

ولا بأس.. أن تشاهد العام 2020 يقترب قطار السنين من الوصول إليه سريعا، والخطة الخيالية الميمونة 2020 لا زالت لم تحقق 10% مما قامت عليه في 1995، بل لم تحقق أيّا من ركائز قيامها من تنويع الدخل الاقتصادي أو تقليل الاعتماد على النفط والغاز أو تحقيق الأمان الاقتصادي للمواطن..!! ورغم ذلك لا ترى أحدا يُساءل أيّا من المسؤولين المنوط بهم الأمر حول هذا الإخفاق ولا التحقيق معهم!.

ولا بأس أن تظهر قناة خليجية لدولة شقيقة تتبجج في منحها لعمان –كون عمان دول تحتاج لمساعدة- مبلغ يقدر بــ315 مليون ر.ع، فتتفاجأ بصمت الدولة ثم استنكار عدد من المسؤولين، ثم الإجابة المخيبة للآمال: المساعدات عرف دولي متعامل به حتى مع لدول الغنية!!. فتتساءل:أهو عذر أقبح من ذنب؟

لكن..لا بأس أن تذهب الدولة بسلطانها ومكتبها السلطاني ومكتب الأمن السلطاني والأمن الداخلي والإدعاء العام والقضاء في محاكمة شباب غيور على وطنه.. وسجنه والتشهير به في كل وسائل الإعلام.. فقط لأنه قام بانتقاد “فساد” السلطة، وعلى إثرها انتقاد صمت السلطان نفسه عن هذا الفساد!!

ولا بأس.. أن تعتقل الشباب وتغيبهم في ظلمات سجون غير معروفة المكان ولا معلومة العنوان بتهمة الشروع في قلب نظام الحكم.. ثم تكتشف فجأة أنك مخطئ في التهمة إيّاها، فتحاول تدارك الأمر أمام الرأي العام بسرعة لأجل أن لا تظهر أمامهم بصفة “الساذج”، فتتحول التهمة بقدرة قادر إلى “إعابة ونيل من مكانة الدولة”!!

ولا بأس كذلك، أن تذهب الدولة بكافة مؤسساتها الأمنية والقانونية والقضائية إلى محاكمة شباب عاديّ جدا، خرج في يوم ما لاعتصام سلمي بسيط بعيد عن الشارع العام..وعن الأحياء السكنية،وفي وقت انتهاء العمل الرسمي للحكومة والقطاع الخاص.. فتأتي السلطة الامنية لتتقبض على هذا الشباب بحجة أنهم :أخلوا بنظام الأمن العام!! في حين أن ذنبهم الأساس انهم خرجوا مطالبين الحكومة بالإفراج عن إخوانهم الذين تقبضت عليهم سلطات الأمن الداخلي، وأخفتهم عن العالم والأهالي والناس وحتى القانون، ثم وفي غياب كافة الأدلة الظرفية والقطعية أثناء محاكماتهم منذ المحكمة الابتدائية وحتى الاستئناف.. إلا أن حكم القضاء المنزّه الذي يُقال عنه في نظام الدستور الأساسي للدولة: أنه لا سلطان عليه. فيحكم بالإدانة رغم غياب أدلة الإدانة!!.

          ثم تظهر لك مجموعة من المواطنين، يطلبون السماح والتسامح مع هؤلاء الشباب كافة –سواء قضية الإعابة أو التجمهر- وكأن الشباب ارتكب خطأ ما، في حين انهم كانوا يقومون بعملهم البسيط جدا، وواجبهم المهم جد اتجاه وطنهم، وهو الحرص على هذا الوطن من أن يكون وديعة لقلة من الناس، يعتقدون في وجودهم متسيدين لمناصب مهمة في الدولةن أنهم ملكوا الدولة والمواطن والقانون كذلك….!!!

          وإذا كان العدل أبو الوظيفة وحارسها كما خطب السلطان ذات يوم بعيد.. فماذا نسمي المحاكمات والهزل الذي فيها!!

          وإذا كان القانون لا يفرق بين كبير وصغير وبين مسؤول ومواطن.. فمن يحمي سارقوا أموال الدولة، وناهبوا أراضيها، والمتسببين في فشل رؤية 2020؟؟؟

          بعد 42 عاما، خرجت عمان بثوب العسكر وقوّة أهل السلطة لا غير. وأن “عدم السماح بمصادرة الفكر” ماكانت إلا عبارة فضفاضة يُراد منها تلميع الوجه الخارجي، وتكسير أقلام أهل البلاد..بل كسر أصابعهم كذلك!!. بعد 42 عاما، وفي الألفية الثانية، تشهد البلاد سجناء رأي!!! بعد 42 عاما من عمر الدولة الحديثة وليس من عمر تاريخ البلاد.. يتكرس رأي الفرد الواحد.. وقوّة القانون!!

          الكاتب لا ينسى، والتاريخ لا يغفر خطأ التقبض على المثقفين وتغييبهم وتعذيبهم ثم التشهير بهم بقصد التشفي منهم، وبعد ذلك نعتقد أن الأمور ستعود لطبيعتها، وأن هؤلاء الشباب سينسون الإهانة التي وجهت لهم، وسيعودون لبيوتهم وأهليهم وكأن شيئا لم يحصل، وهم يحمدون ويثنون على فضل السلطان وخيره!

          لا..ليس هناك من أحد أخطأ، فالخطأ بيّن والصواب بيّن، وإن كان الخطأ في انتقاد السلطان “وإعابة ذاته”، أو انتقاد عمل الحكومة و”النيل من مكانتها” فأهلا وسهلا به هذا الخطأ، طالما أنه فعل عفوي صحيّ لا ينتج إلا من غيرة وشهامة وشجاعة، وإن كان الخطأ في الاعتصام السلمي، فتحية ألف تحيّة..لهؤلاء الشباب الذي خرج لممارسة حقه الإنساني والقانوني في التعبير عن رأيه ببسالة وشجاعه..ولا عزاء على الجبناء!.

          من يريد الفوضى والفتنة في البلاد، ليس من ينتقد الخطأ، بل مرتكب الخطأ.

          من يريد الشروع إلى قلب نظام الحكم، ليس من ينتقد آلية إدارة الحكم، بل من يتعمد إلى توفير الغطاء القانوني لفساده وخطأه.

          ستبقى كتاباتنا، وتستمر أعمالنا.. ولكن هل من خطأ يدوم؟؟ وإن كنّا عجزنا وعاجزين عن أخذ حقوقنا في دنيانا، أنعجز عن هذا يوم القيامة..؟؟

          فليتحمل كافة القانونيين والدعاة والأكاديمين والخبراء…إلخ، نتيجة خطأ ما يحدث، وسكوتهم عمّا يحدث، لأننا يوم القيامة سنطلب من الله أن ينتصف لنا وأن يأخذ لنا بحقوقنا..!