الاثنين، 17 ديسمبر 2012

من مدونة / مواطن عماني / مذكرة الدفاع عن قضية التجمهر في عمان أمام المحكمة





التاريخ: 27/06/2012م
محكمة مسقط الإبتدائية
الدائرة الجزائية
الجنحة رقم (1176/2012) بالإدعاء رقم (211/2012)

مقدمة من المتهمين الآتية أسمائهم حسب ترتيبهم في قرار الإحالة:-

1-   سعيد سلطان الهاشمي،           المتهم الأول، ويمثله المحامي/ يعقوب الحارثي
2-   بسمة مبارك سعيد الكيومية،  المتهمة الثانية،  ويمثلها المحامي/ بدر البحري
3-   باسمة سليمان الراجحي ،   المتهمة الثالثة،  يمثلها المحامي/ صلاح البلوشي
4-   ناصر بن صالح الغيلاني،   المتهم الرابع،  ويمثله المحامي/ يعقوب الحارثي
5-   عبدالله بن محمد الغيلاني،   المتهم الخامس، ويمثله المحامي/ عبدالله النوفلي
6-   بدر بن ناصر الجابري،      المتهم السادس،  ويمثله المحامي/ بدر البحري
7-   خالد بن صالح النوفلي،      المتهم السابع،   ويمثله المحامي/ عبدالله النوفلي
8-   محمود بن حمد الرواحي،     المتهم الثامن،  ويمثله المحامي/ بدر البحري.
9-   المختار بن محمد الهنائي،  المتهم التاسع، ويمثله المحامي/ يعقوب الحارثي.
10-   محمد بن خليفة الفزاري،   المتهم العاشر، ويمثله المحامي/ صلاح البلوشي
11-   محمود بن محمد الجامودي، المتهم الحادي عشر، المحامي/ سامي السعدي
ضــــــــــــــــد
1- الإدعاء العام                                                                       (ممثل الإتهام)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صاحب الفضيلة الشيخ رئيس الدائرة الجزائية المحترم
 بوافر التقدير وعظيم الإحترام، ونيابة عن موكلينا المتهمين المذكورين أعلاه ، نتشرف بتقديم دفاعنا، والذي أقر كافة المتهمين بإنهم وكلوا أمام عدالتكم كل المحاميين الماثلين في جلسة 27\6\2012م والمدونه أسمائهم أعلاه وأدناه، والذي نعده جزء لا يتجزأ مما أدلى به المتهمين من دفوع وأقوال تم الإدلاء بها أمام عدالتكم بجلسة 25\6\2012م ، وذلك علي النحو الأتي:-

ملاحظة
1- ورد على لسان الإدعاء العام بجلسة 27/6/2012م  أن سبب إحالتهم للمتهمين هو توقي حدوث ما حدث في صحار، وهذا التصريح إن دل على شيء فإنما يدل على أن الإدعاء العام لم يثبت لدية قصد الإخلال بالنظام العام، إنما عالج الوضع وقائيا، الأمر الذي يحق معه للمتهمين أن يلتمسو من عدالتكم البراءة بسبب إعتراف الإدعاء أن الجرم غير قائم أصلا.
2- ورد في بيان الإدعاء العام بجلسة 27/6/2012م في خطبته أنه لا يريد شيء من المتهمين سواء إصلاحهم وليس عقابهم، وهذا إقرار بتنازل الإدعاء العام عن الدعوى العمومية، الأمر الذي يحق معه للمتهمين سقوط الدعوى بتنازل الادعاء وبإمكان عدالتكم الرجوع على الخطبة المكتوبة للإدعاء والمضمنه في ملف الدعوى.
أولا : قرار الإحالة :-
يمكن تلخيص قرار الإتهام في أن الإدعاء العام الموقر يتهم المتهمين الماثلين أمامكم بأنهم وبتاريخ 11 يونيو 2012 دائرة القسم الخاص التابع لشرطة عمان السلطانية أشتركوا بالتجمهر وآخرين في مكان عام وهو موقف المركبات الكائن بين بنك مسقط وقيادة شرطة عمان السلطانية بقصد الإخلال بالنظام العام ، كما أنهم تسببوا في عدم سهولة سير المركبات على الطرقات المحيطة بمكان تجمهرهم .
بالنسبة للمتهمة الثالثة أهانة موظفين عمومين بوصفهم أنهم غربان .
بالنسبة للمتهم التاسع خالف الأنظمة الإدارية وذلك بأن مارس عملا صحفيا دون ترخيص .
مطالبا الإدعاء العام في ختام قراره بمعاقبة المتهمين وفق القيد والوصف الوارد ذكرها .
ولم يرفق الإدعاء العام أي حافظة لأدلة الثبوت على قيام كل من الجريمتين، مكتفيا  بإرفاق محضر عام موقع من ضابط واحد فقط به تفصيل لواقعة الوقفة الإحتجاجية وآلية ضبط المتهمين لا غير.

أولا:- بطلان إجراءات التحقيق والإخلال بحق الدفاع لعدم تمكين المتهمين من وجود محامي بالمخالفة للمادة 23 من النظام الأساسي و للمواد 49 و 74 و 115 من قانون الاجراءات الجزائية، وغياب النزاهه في سلطات التحقيق
من المقرر قانونا أن حقوق وحريات الافراد مصونة ولا يجوز التعدي عليها ، لهذا أكد النظام الأساسي وكذلك فعل قانون الإجراءات الجزائية على منع حجز حرية الأفراد دون مسوغ قانوني ، مع وجوب تمكين المتهم من الإتصال والإلتقاء بمحاميه .
كما هو سابق في علم عدالة المحكمة أن الإستجواب يعد إجراء غاية في الأهمية من إجراءات التحقيق يهدف منه معرفة حقيقة التهمة المنسوبة إلى المتهم والوصول إلى إعتراف منه يؤيدها أو دفاع منه ينفيها ، وعلى هذا الأساس فإن الإستجواب إجراء من إجراءات الإثبات له طبيعة مزدوجة ، الأولى كونه من إجراءات التحقيق ، والثانية هي إعتباره من إجراءات الدفاع – لطفا راجع كتاب التحقيق الجنائي للدكتور يوسف الشيخ حمزه /أكاديمية شرطة عمان السلطانية – الطبعة الأولى .
 وبقراءة الإقتباس السابق ، مع نص المادة (115) من قانون الإجراءات الجزائية التي تنص على : ( يجب السماح للمحامي بالإطلاع على التحقيق في اليوم السابق على الإستجواب أو المواجهة ، وفي جميع الأحوال لا يجوز الفصل بين المتهم ومحاميه الحاضر معه أثناء التحقيق )
إن لفظة (يجب) التي تصدرت صدر المادة والتي تفيد الأمر والإلزام ، الأمر الذي يعني بداهة أن المشرع أراد أن يرفع قدر هذا الإجراء إلى أن يكون جوهريا في الإجراءات الجزائية ، فإن كان الحال كذلك وهو كذلك ، وحيث أن الإستجواب أحد إجراءات الدفاع كما سلف بيانه ، وحيث أن نص المادة (208) من ذات القانون تنص على : ( يترتب البطلان على عدم مراعاة أحكام القانون المتعلقة بأي إجراء جوهري )
رتبت البطلان على مخالفة أي إجراء جوهري من إجراءات أحكام قانون الإجراءات الجزائية ، على أنه يجب أن لا تفوتنا الحكمة التي تغياها المشرع بترتيب البطلان على مخالفة أمر المادة (115) من قانون الإجراءات الجزائية ، ولنعد قراءتها مجددا لنحيط بهذه الحكمة علما :      ( يجب السماح للمحامي بالإطلاع على التحقيق في اليوم السابق على الإستجواب أو المواجهة )
إن الحكمة الظاهرة من ظاهر نص المادة سالفة الذكر وهي ما لا تحتاج منا إلى ضرب بالسهام والقداح لتبيانها ، تتمثل في تمكين المحامي من الإستعداد والإحاطة بملف القضية قبل مرحلة الإستجواب الذي يتم فيه مناقشة المتهم تفصيلا في الإتهام الموجه إليه، والثابت بمحاضر التحقيق لدى الإدعاء العام أن أغلب المتهمين ثبتوا طلب تمكين محامي ومنهم بدر الجابري وسعيد سلطان الهاشمي و ناصر صالح الغيلاني وبسمه مبارك وعبدالله الغيلاني، وما يزيد يقين عدالة المحكمة أن كافة محاموا الدفاع لا توجد لديهم وكالات وإنما ثبتوا في محضر الجلسة أمام عدالتكم، عليه، ننتهي إلى دفع المتهمين جميعهم ببطلان إجراءات التحقيق الإبتدائية ، الأمر أنتج أثره في الإخلال بحق الدفاع ،وغياب النزاهة والحيدة في سلطات التحقيق، ولا سيما عندما أصدر الإدعاء العام بعد يومين من تاريخ قبض المتهمين الماثلين أمام عدالتكم والذي وصف فيه المتهمين أنه من أبرز المحرضين والمسيئين وذلك وفقا للثابت في نشرة وكالة الأنباء العمانية بتاريخ 13/6/2012م، وبهذا البيان الذي تجاوز فيه الإدعاء صلاحياته المحددة على سبيل الحصر وأقحم نفسه في صميم عمل القضاء، وذلك بأن ألصق التهمة قبل الشروع حتى في التحقيق.
لقد أختلفت الأساليب غير القانونية التي مورست على المتهمين إبتداء من عدم حفظ كرامة المتهمين في جميع مراحل التحقيق والاستجواب والقبض، ولا سيما في غياهب السجون المجهولة ، وذلك على النحو التالي :-
أ- إهانتهم منذ بداية القبض:-
تنص المادة 19 من النظام الأساسي على (أنه لا يجوز الحجز أو الحبس بغير الأماكن المخصصة لذلك في قوانين السجون المشموله بالرعاية الصحية والإجتماعية) كما تنص المادة 20 من ذات النظام (لا يعرض أي إنسان للتعذيب المادي أو المعنوي أو للإغراء أو للمعاملة الحاطة للكرامة ويحدد القانون عقاب من يفعل ذلك، كما يبطل كل قول أو إعتراف يثبت صدوره تحت وطئة التعذيب أو بالإغراء أو لتلك المعاملة أو التهديد بأي منهما) وأكد على هذا المعنى نص المادة 41 من قانون الاجراءات الجزائية بنصها على (....ويجب معاملة المقبوض عليه بما يحفظ كرتامته ويحظر على مأموري الضبط القضائي وأي شخص ذي سلطة عامة أن يلجئ الى التعذيب أو الإكراه أو الإغراء أو المعاملة الحاطة للكرامة...) وكانت هذه النصوص في ما يبدوا حاضرة في ذهن مأموري الضبط القضائي حيث بادروا جميع المتهمين بوصفهم إياهم بإنهم (حيوانات) وهذا فيما يبدوا هو الفهم الذي أشربوا إياه وعلى أساسه يتم التعامل مع جميع الموطنين،  منذ تاريخ  11/6/2012م الذي قبض فيه  المتهمن –هم والآخرين الذي أفرج عنهم الإدعاء- وأحد ضباط الشرطة يناديهم بالحيوانات، وذلك وفقا للثابت في محاضر التحقيق أمام عدالتكم، ووفقا للثابت بأقوال كافة المتهمين في جلسة 25\6\2012م.
ب- خلع الملابس في المحبس تحت حجة التفتيش :-
 وفقا للثابت في محاضر جلسة عدالتكم بتاريخ 25\6\2012م أفادت المتهمة الثانية والمتهمة الثالثة أن لحظة وصولهم إلى السجن طلب منهن التعري بشكل كامل، وذلك بحجة التفتيش، إلا أنهن رفضن ذلك، ولولا كرامة ونخوة إحدى الشرطيات بالسجن، لأجبرن على التعري، كما فعل ذلك مع زميلتهن التي أفرج عنها الادعاء، فهل هذه حقوق المتهم التي يسعى القانون لصيانتها وصونها.
ج- مكان الحبس والسجن الانفرادي
ذكر عدد من المتهمين في الجلسة المنصرمة إضافة إلى سوء المعاملة التي يعانون منها في محبسهم وضعوهم في زنازين إنفرادية وممارسة بعض الأفعال غير القانونية من قبيل تشغيل عدد كبير من أجهزة التكيف في غرفة مترين في مترين وفتح مذياع الموسيقى الصاخبة طوال اليوم، وهو ضرب كما تعلمون من ضروب التعذيب البدني والنفسي وهذه الافعال لعمر الحق لا يمكن –لعقل عماني تحديدا - أن يتقبلها لأننا ألفنا هذه التصرفات أو الأفعال في قراءتنا للروايات البوليسية أو ما تنضح به قنوات التلفاز من وصف ممارسات المستعمر الرازح تحت نيره ، أما أن تكون مثل هذه الجرائم ونكررها جرائم لأن النظام الأساسي قال أنها جرائم ووضع لها عقوبة بموجب نص المادة (20) آنفة الذكر ، ترتكب بإسم حماية المجتمع والحفاظ على أمنه ، فنقول أن مجتمع لا تحميه شريعة أو قانون عادلين لا يمكن لأجهزة الأمن أن تحميه ، السؤال تحميه من من ؟
المتهم الأول وفي ذات اليوم الذي صدر فيه قرار الإحالة من الإدعاء العام، تم نقله لسجن إنفرادي، حيث أن كل محاضر التحقيق مع هذا المتهم وأمر تمديد حبسه لم يشر فيه لا من بعيد ولا من قريب ما يذكر أن يكون حبسه إنفراديا.
 عليه نلتمس من عدالتكم مخاطبة السجن المركزي لبيان من قام بأمر نقل  بعض المتهمين إلى السجن الإنفرادي وذلك لضمان حقوق المتهمين .

الأمر الذي نخلص منه  إلى بطلان كافة مراحل التحقيق الإبتدائية سواء التي تمت أمام الشرطة أو أمام الإدعاء العام، وذلك بسبب الإخلال بحق الدفاع، وغياب النزاهه والحيده في سلطات التحقيق،  وبهذا تكون سلطات الأتهام خالفت صحيح المادة 23 من النظام الأساسي للدولة والمادة 57 والمادة 49 والفقرة الثانية من المادة 115 من قانون الاجراءات الجزائية التي تؤكد عدم جواز فصل، وغياب النزاهه والحياد في البيان، عليه يلتمس المتهمون من عدالتكم الموقر إثبات بطلان كافة إجراءات التحقيق وبطلان القبض، وهدر كل المحاضر التي قدمت مع قرار الإحالة.
علاوة على ذلك لم يتصدى الإدعاء العام على هذه الدفوع ولم يبين أي رد فيها.

ثالثا:- يدفع كافة المتهمين بعدم صحة الإتهام :-

لا يكلف المتهمون بتقديم دليل نفي الجرم عن أنفسهم، وإنما يسعون لنفيه عندما تقدم سلطة الإتهام دليلا واضحا، وحيث أن الإدعاء العام عجز عن إثبات النية الجرمية للمتهمين الوارده في مادة الإتهام والمقرؤة وفق القواعد العامة المنصوص عليها في المادة 79 من قانون الجزاء، فضلا عن ذلك فإن هذا الإتهام ولا سيما الركن المعنوي منه، والذي  أسس على جرف واه ، والذي يحمل كل دليل ثبوت معول هدمه ، فإننا نود في البداية أن نعيد قراءة مادة الإتهام ومن ثم إستقراءها ، لنقف على مدى صحة إنطباق هذا النص على الواقعة التي أسقط عليها ، حيث تنص مادة الإتهام سالفة الذكر على ما يلي : ( يعاقب بالسجن من شهر إلى سنة ، وبغرامة لا تتجاوز مائتي ريال ، كل من أشترك في تجمهر مؤلف من عشرة أشخاص على الأقل ، بقصد الإخلال بالنظام العام ) إنتهى الإقتباس .

إن النص يشترط لتحقق جرم التجمهر قانونا أن يكون مؤلفا من عشرة أشخاص على الأقل ، وأن يكون الغرض منه الإخلال بالنظام العام ، فإذا سلمنا بالأولى من حيث العدد ، فما بالنا بالثانية تساق وهي كارهه .

أن مايدل دلالة قاطعة على سلامة نية المعتصمين، هو العنصر الزمني للوقت، حيث أفاد كافة المتهمين أمام عدالتكم بجلسة 25\6\2012م أنهم يأتون لساعة واحدة وبشعارات محددة، وهي صيانة النظام الاساسي وإحترامه ومعرفة سبب ومكان أعتقال أصحابهم وذويهم، وما يؤكد سلامة النية أيضا محضر التحري والإستدلال الصادر من الشرطة ، والذي حلت محل أدلة الثبوت ، والذي نص عليه بالحرف الواحد ((تلقى المركز بلاغا من قبل عمليات مسقط الساعة 16:00)) ص 1، وأيضا في الموقف الثاني من ذات المحضر ((الساعة 18:30 غادروا المكان)) كل هذا يؤكد سلامة نية المتهمين، الأمر الذي يعد بحد ذاته ممارسة للحق خاصة أنه لا يشكل إخلالا بالنظام العام، ولا سيما أنه محصور بفترة زمنية لا يتصور البته فيها الإخلال، علاوة على ذلك محضر التحري ذكر أن وقوفهم يشكل إخلال بالأمن وفي إثارة البلبلة إلا أن الإدعاء عجز عن تقديم قرينة واحدة يمكن أن يستخلص منها إثارة البلبلة.

 عدالة المحكمة الموقرة : إن من يرفع لافتة كتب عليها مواد دستورية ، وآيات قرآنية ، لا يمكن أن يوصف بأنه أخل بالنظام العام ،بل على العكس من ذلك ،فهذه وتلك تدعوا إلى التمسك بالنظام العام ، إن أتفقنا على تعريف محدد له من حيث المبدأ ، أم أن تسبر أغوار النوايا ، ليقال أنتم تقصدون كذا وكذا ، فهذه   كما هو سابق في علم عدالة المحكمة الموقرة - وغيرها لا يمكن التعويل عليه في مثل هذا المقام .
هذا، وحيث ثبت لعدلكم الموقر من خلال جميع الإفادات التي أخذت بمعرفة جهات التحقيق ،إبتداء بالقسم الخاص ، مرورا بالإدعاء العام ، وإنتهاء بما ورد على لسان كل متهم من هؤلاء الماثلين أما عدلكم، خلاصتها إجماعهم بأن نواياهم وعقولهم وقلوبهم ، اتجهت إلى تسجيل موقف أخلاقي وإنساني تضامنا مع زملاءهم ممن أعتقلتهم الجهات الأمنية بغية معرفة مآلهم ومصيرهم ليس إلا ، فهل والحال كذلك يمكن أن يوصم أو يوصف هذا الفعل بالمخالف للنظام العام  أو أن يقصد منه الإخلال بالنظام العام !! فإن قيل لنا نعم ، قلنا مجددا عرفوا لنا ماهية النظام العام.

لقد سبق المتهم الأول الجميع – بحكم ترتيبه في قرار الإتهام -  ببيان غاية في الدقة والتفصيل حول وقائع ما حدث  في الأيام الثلاثة الممتدة من 9 يونيو وحتى 11 يونيو 2012م ، لا بل وأجمع من صاغت آذانه لحديث ضابط الأمن ذو رتبة كبيرة ، إلى قوله : بأنه إذا كانت نيتكم الوقوف لمدة ساعة فلا بأس ، أما تحليل وتأويل مغزى حديثه ،هل يقصد ذلك اليوم فقط أم لا ؟ فهذا مردود عليه بأن جريمة التجمهر إن وقعت في أي يوم فهي مؤثـمة ، شريطة أن يقصد بها الإخلال بالنظام العام ، ومن ثم فلا معنى للتساؤل سالف الذكر ، إذ الأصل في الإنسان البراءة ما لم يثبت عكس ذلك ، علاوة على ذلك فإن شرعية الفعل من عدمه لا تستمد من قول ضابط أمن .

كما تعلمنا من عدالتكم أن جريمة التجمهر من الجرائم العمدية التي لا يكفي لقيامها الركن المعنوي، وإنما لا بد من قيام القصد الخاص أو الدافع الذي عرفته المادة 83 من قانون الجزاء بقولها (الدافع هو العلة التي تحمل الفاعل على الفعل أو الغاية القصوى التي يتوخاها منه) وحيث أن القصد الخاص أو الدافع لابد أن يقدمه الإدعاء العام كدليل، فما بال عدالتكم والإدعاء لم يتسطع إثبات الركن المعنوي؟ وحيث أنه وفقا لمادة الإتهام أن قصد الإخلا ل بالنظام العام لابد من إثباته بموجوب أشياء مسموعة أو ملموسه لكي تكون قرائن يستشف منها قيام الدافع أو القصد، إلا أن سلطة الإتهام عجزت حتى عن تقديم قرينة واحدة تسوق لقرار الإتهام وتعضده، فضلا عن إقرار الإدعاء العام والذي أشرنا له أعلاه أن هدفه وقائي من الاحالة وليس قضائي.

ثانيا:- يدفع المتهمون بعدم صحة الإتهام  للجريمة 137 مكرر:-

كما تعلم عدالتكم أن جنحه سد الطرقات أو عدم سهولة السير فيها، التي نصت على (يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات كل من أقدم قصدا بأي وسيلة كانت على سد الطرقات العامة بما يؤدي إلى منع عبورها أو عدم سهولة السير عليها........)
ينبغي التذكير هنا والمحكمة لفي غنى من ذلك ، أن المواد الجزائية كما هو مستقر في متواتر أحكام المحكمة العليا الموقرة وكتب الفقه الجنائي ، لا يجوز التوسع فيها ، وعليه فإنه مع بعثرة مفردات هذا النص ومن خلال قراءة المادة أعلاه يتجلى لعدالتكم أن الركيزة التي تنطلق منها المادة الجرمية هي الركن المادي، والمتمثل في فعل إيجابي وهو ((سد الطرقات العامة)) وما يدلل أنه يجب أن يكون فعلا إيجابي هو ذكر المشرع لفظ "أقدم" فالاقدام فعل مادي ولما كان هذا الركن يشترط أن يكون له ثلاثة عناصر أبرزها الفعل وهو سد الطرقات العامة، والنتيجة التي حددها المشرع على سبيل الحصر بحالتين هما (منع العبور)و(عدم سهولة السير) وربطها بالعلاقة السبيبية بين الفعل (سد) والنتيجة (عدم+سهولة)، هذا ويدفع المتهمون يدفع بإنتها الركن المادي بكافة عناصره وذلك وفقا للأتي:-

أولا:- إنتفاء الوسائل التي تؤدي إلى سد الطرقات، نعلم أن الأصل في الانسان البراءة، وعلى الادعاء أن يثبت الفعل المادي الذي إقترفه المتهمون وأدى إلى غلق الطريق أو عدم سهولة العبور فيه، ومن خلال محضر التحري بقوله ((أن تواجدهم سبب تعطيل لحركة المرور لكون المارة يقفون لمشاهدة المعتصمين)) فالفعل الذي قام به قادة المركبات –إن وجد- هو فعل مادي فالمباشر في الفعل ليس المتجمهرين أنما السائق نفسه، وكما تعلمنا من عدالتكم أن قطع الطريق يحتاج إلى فعل إيجابي ملموس وليس فعلا سلبيا يشد الناس، لأن كل شيء يشده الناس، وما يعزز هذا أن عدالتكم استشهدت بجلسة 25\6\2012م أن المارة يشهدهم حتى الحادث أو البنشر البسيط، وهذا يؤكد أن قادة المركبات بهم هذه الثقافة، بالتالي يكون الفعل لا وجود له ولم تستطع سلطة الاتهام إثباته مما يؤدي حتما إلى إنتفاء الركن المادي.
ثانيا:- غياب الرابطة السببية بين الفعل والنتيجة، الفعل الذي يعزي له الادعاء هو الحديث في المنبر، وبسبب هذا الحديث تم قطع الطريق، فقبل البحث في شرعية الحديث في المنبر من عدمة أتسائل أمام عدالتكم ما هي العلاقة السببية المباشرة بين إتصال الفعل والسبب، فهل يعقل أن يكون الاعتصام بمكان يبعد عن الشارع بمسافة ورصيف ومواقف من جهتين وفقا للصور المرفقة سببا مباشرا لغلق الطريق.
كما أن الادعاء العام لم يقدم دليل على وجود واقعة مادية من الأساس حتى يصار إلى وجود تلكو أو قطع في العبور،بالاضافة إلى ذلك الشاهد الذي أحضره الإدعاء العام أفاد أنه لم يحضر سواء اليوم الثالث، ولا يشاهب بأم عينه ما اذا كانت الحركة طبيعية أم بها عرقلة.
ثالثا:- إن التفسير الذي ورد عرضا أثناء الجلسة المنصرمة من أن فعل سد الطريق المؤثم بنص المادة سالفة الذكر يكفي لكي تحقق بمجرد لفت الإنتباه ، هو تفسير فضفاض ، بل وخطير ، ولا يقبله المنطق القانوني ، ناهيك من أنه يتعارض مع صريح المادة سند هذا الإتهام والتي عبرة بكل صراحة ب قولها (أقدم) وأضافت عبارة (سد الطرقات)، ولنا في قوله جل جلالة آية (وجعلنا بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا)
إن نص الإتهام حمل ما لا يطيق ، وإن الإنحراف بغاية المشرع ومقصده من نص الإتهام ، ولي عنق النص ، تحقيقا لمأرب ، لا يمكن أن يفوت على فطنة وعدالة هذه المحكمة الموقرة .

ثالثا:- يدفع المتهم التاسع بعدم إختصاص عدالة المحكمة ولائية بنظر القباحة المنصوص عليها في المادة 312\1 من قانون الجزاء

نصت المادة 66 من قانون المطبوعات والنشر على (تتولى اللجنة فضلا عن إختصاصات المنصوص عليها في هذا القانون المهام التالية:-.....وتكون للجنة سلطة البت وفرض العقوبات المناسبة طبقا لأحكام هذا القانون...)
فضلا عن ذلك فإن نص المادة 312 /1 نصت على(يعاقب بالسجب التكديرية والغرامة من رايال إلى خمسة أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من أقدم على 1- مخالفة الأنظمة الإدارية أو البلدية الصادرة وفقا للقانون) والمادة 60 من قانون المطبوعات هي مادة وردت في قانون صدر بالمرسوم السلطاني رقم (49/84) تحت مسمى (قانون المطبوعات والنشر) أما المخالفات التي ينطبق عليها النص يالف الذكر هي المخالفات التي وردت في اللائحة التنفيذية لهذا القانون والتي أصدرها وزير الإعلام تحت القرار رقم (25/1984) والصادر بتاريخ 19\9\1984م.

رابعا:- تدفع المتهمه الثالثة بإنتفاء جريمة إهانة موظف عام المنصوص عليها في المادة 173 من قانون الجزاء:-

1-عدم ثبوت الإسناد كعنصر من عناصر الركن المادي:- لأجل توافر أركان إهانة الموظف العام لابد من أن يكون القول أو الكلام مثبتا ومفهوما، وهنا في هذا الملف عجز الإدعاء عن تقديم دليل واحد يفيد أن المتهمه أسندت لرجال الشرطة لفظة (غربان)، علاوة على ذلك حضر الشاهد بجلسة 27\6\2012م وأدلى بشهادته أمام عدالتكم أنه لم يسمع ولم يرى المتهمة وهي تقول عبارة الغربان هذا فضلا عن عدم معرفته بالضباط الذي أبلغوه بذلك.
2-إنتفاء عنصر العلانية:-جرائم الإهانة من الجرائم العلانية التي يشترط فيها المشرع إنطباق المادة 34 من قانون الجزاء والتي عالجت عنصر العلانية، والإدعاء العام لم يقدم دليلا على الآلية التي تمت فيها العلانية، إنما أتت أقواله خاليه من أية دليل.
3-إنتفاء صفة الموظف:- السؤال أين هو الموظف محل هذه الجريمة ؟ إذ فشل الإدعاء العام في تقديم أي شخص ممن كانوا يحيطون بالمتهمين تمهيدا لسوقهم إلى السجن ، وهو الأمر الذي طالبت به المتهمة سلطة الإتهام لإثباته في الجلسة المنصرمة .

ولهذه الاسباب فان المتهمين جميعهم يلتمسون من عدالتكم الحكم بالاتي :
أولا:- بصفة أصلية : القضاء ببراءة المتهمين من التهمة المسندة اليه، لعدم صحة الإتهام، إعلان براءة المتهمين لعدم الدليل أو بالقليل لعدم كفاية الأدلة
ثانيا : إحتياطيا :
1-           عدم إختصاص المحكمة ولائيا بالتهمة الموجه للمتهم التاسع، والمتعلقه بقانون المطبوعات والنشر..
ثالثا : على سبيل الإحتياط الكلي :- إعمال نص المادتين رقمي   ( 111/3) ، (74) من قانون الجزاء بتخفيف العقوبة ووقف تنفيذها.

وتفضلوا بقبول فائق الاحترام والتقدير ،،،،،