الأربعاء، 13 مارس 2013

بدر العبري / أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر



  • يقول تعالى: "لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كلّ شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون"
    فما قصه الله تعالى من أحوال الأمم السابقة، وأخبار المجتمعات البشرية السالفة، إلا تذكيراً للعباد، وتنبيهاً لأولي الألباب...
    ومن أعظم هذه القصص ذكراً، وأجلها بياناً، قصة سيدنا موسى مع فرعون الذي طغى، فأكثر ذكرها في كتابه، وبين بها سنته التي لا تتغير، وقانونه الكوني الذي لا يتبدل.
    وما فرعون وقومه إلا آية للبشر، وعبرة لمن اتعظ واعتبر، أعرض عن ذكر ربه والانقياد لطاعته، والوقوف عند حدوده وزواجره، فأخذهم الله بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يرجعون، فرفع عنهم نعمة المطر، وقلة البركة في الماء والثمر، لعلهم يذكرون أو يتعظون.
    فأبوا إلا الاستكبار في الأرض، فأرسل عليهم الطوفان الجارف، والفيضانات المهلكة، وسلط عليم الجراد يأكل ما يزرعون، ويهلك ما يحرثون، وذكرهم بالقمل والضفادع والدم آيات مفصلات، فاستكبروا وكانوا مجرمين...
    فكانت السنة الإلهية، والإرادة الربانية أن أهلكهم عن بكرة أبيهم، وأغرقهم في البحر، بأنهم كذّبوا بآيات ربهم، وكانوا عنها غافلين.
    وهؤلاء بنو إسرائيل اغتروا بجنسهم، وادعوا بأنهم أبناء الله وأحباؤه، وأنهم شعب الله المختار، فهيهات هيهات لا قيمة لجنس عند الله تعالى، فعندما طغى سفهاؤهم، وأفسدوا في الأرض، ولم يعملوا بآيات الله تعالى، أرسل الله إليهم أصنافا من العذاب والعقوبات، من الصيحة والرجفة والزلازل، والتشريد في الأرض، والذلة في الحياة الدنيا، وكذلك نجزي المفترين.
    ونحن أمة محمد صلى الله عليه وسلم، شأننا كشأن غيرنا من الأجناس والأمم، فنحن جميعاً أمام القانون الإلهي، والسنة الربانية، "أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر".
    فإذا ما طغت الأمة، وانحرفت عن الجادة، وقام سفهاؤها فيها إفساداً واستكباراً، فانتُهكت المحرمات عياناً، وتجاوزت الحدود بغياً وعدواناً، وقل الآمرون بالمعروف، الناهون عن المنكر؛ قامت السنة الربانية بإرسال أصناف من العذاب والعقوبات، والآيات البينات، لعلنا نتذكر ونتعظ ونتوب ونرجع...
    فما انتسابنا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم يجعلنا في أمان من عذاب ومكره، إذا تجاوزنا أمر الله ونهيه....
    وما نراه اليوم من آيات ربانية هي آيات أبعدها نتوب ونرجع؟ أم نترك سفاءهنا يفسقون ويمكرون؟ أم نتحدى جبار السماوات والأرض، أم نجرب الحرب مع الله تعالى، أم نستظهر عظمتنا أمامه، وقوتنا أمام قوته وجبروته، أم نعلنها صرخة بشرية بأننا قادرون على تحدي قوانين الله وسننه، فهيهات هيهات؛ إنها سنة جبار السماوات، المتكبر المتعالي، الذي لا يغير وعداً ولا وعيدا، من استهان بآياته، وسخر من سنته وقوانينه، ألا فلينتظر الموعد...
    فيا لله كيف تتحدى الله تعالى؟!!! أم كيف نتكبر على آياته؟
    ولقد أخبر الله تعالى في قصة موسى عليه السلام أنّ التوبة والرجوع إلى الله تعالى هو العلاج لرحمات الله تعالى، ونزول المطر والغيث، والبركة في الزروع والثمار، اقرأوا إن شئتم: "إنّ الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا وكذلك نجزي المفترين، والذين عملوا السيئات ثم تابوا من بعدها وآمنوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم".
    وليتأمل معي القارئ الكريم قول الله تعالى عندما طلب بنو إسرائيل التوبة من الله جلّ وعلا: "واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة إنا هدنا إليك قال عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كلّ شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون".
    ولنتذكر دائما قانون الله في كتابه: "أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر"!!!